
{نشيد الكنيسة العروس}
نشيد الأناشيد للملك سليمان الحكيم هو نشيد الكنيسة عروس المسيح في عرسها مع الخَتن يسوع. الكنيسة هي شعب الله وهي كانت مخطوبة له وموعودة به في العهد القديم ولكنها تزوّجته أخيراً بعد طول انتظار في العهد الجديد. ما هي الكنيسة العروس؟ يخبرنا القديس پورفيريوس الرائي أن الكنيسة “هي مؤسَّسة لا بداية ولا نهاية لها. الكنيسة غير مخلوقة مثل الله غير المخلوق. وُجِدَت قبل الدهور وقبل الملائكة وقبل خلق العالم. كانت غير منظورة وظهرت في آخر الأزمنة لأنها مبنيّة على محبة الله وعنايته الحكيمة”.
الكنيسة هي الناس الذين أحبهم الرب من قبل تكوين العالم وأحبهم بعد الخَلق لدرجة أنه صار مثلهم ومات عنهم وافتداهم وسكن فيهم وجعلهم قديسين. الكنيسة هي نحن شعب الله الذي اتحد بالله بواسطة يسوع المسيح الذي “أحَبّ الكنيسة وبذل نفسه لأجلها ليُقدّسها” (أفسس ٥: ٢٥).
تقول الكنيسة للمسيح عريسها بلسان العروس في نشيد الأناشيد: “أنا سوداء ولكني جميلة…لا تنظرن إليّ لكوني سوداء لأن الشمس لوّحتني. بنو أمي غضبوا علي. جعلوني ناطورة الكروم” (١: ٥-٦). الكنيسة في العهد القديم كانت سوداء بسبب شمس الإنتظار في الكروم التي أحرقت بشرتها بانتظار الحبيب “رَبّ الكرم” الذي سيُدخلها إلى خدره ويتزوجها ويخلّصها من ظلم أبناء أمها أي يخلصها من ضعفات الطبيعة البشرية، ويؤلهها. “رب الكرم” هو يسوع الذي خلّص الكنيسة من طول الإنتظار. وهذا ما رآه إشعياء للكنيسة إذ قال لها: “كفرح العريس بالعروس يفرح بكِ إلهكِ” (٦٢: ٥).
كيف كانت سنوات إنتظار المسيح العريس؟ كانت الكروم قاحلة لا عنب فيها ولا خمر. وما إن أتى يسوع حتى قال لتلك الجميلة السوداء ناطورة الكروم: “لا يُقال بعد لكِ ‘مهجورة’ ولا يُقال بعد لأرضِكِ ‘موحشة’ بل تُدعَين ‘فرحي بها’ وأرضُكِ تُدعى ‘متزوّجة’ لأن الرب يرضى عنكِ وأرضُكِ تصير متزوّجة” (إشعياء ٦٢: ٤).
لهذا السبب يلبس الرهبان والراهبات (ومنهم أخذ الأساقفة والكهنة غير المتزوجين) طرحة سوداء تُسمى باليونانيّة “كوكوليون” وهي غطاء الرأس في الإسكيم الرهباني الملائكي كخوذة الخلاص وكعلامة على زواج النفس البتولية بالمسيح. الطرحة السوداء تشير إلى زواج الكنيسة غير الأرضي والذي يفوق العالم بالرب يسوع بواسطة التوبة وتغيير الحياة. الأسوَد هو لون مسيرة التوبة، والتوبة هي سيرة الحياة وحكاية العلاقة الزوجية مع الرب يسوع. حال نفس لابس الكوكوليون تقول مع عروس الأنشاد: “أنا سوداء (بالخطايا) ولكني جميلة (بالنعمة)”. يسوع هو عريس النفس البشرّية المُنزَّهة عن التفرقة بين رجل وامرأة والتي تهتف للخَتن الإلهي: “فرحاً أفرح بالرب وتبتهج روحي بإلهي لأنه ألبسني ثوب الخلاص وسربلني حلّة السرور ووضع على رأسي تاجاً كالعريس وزيّنني تزييناً كالعروس” (إشعياء ٦١: ١٠).
ولكن، في مراتٍ عديدة، الكنيسة العروس تضيّع يسوع العريس كما تضيّع النفس البشرية النعمة بسبب الخطيئة والشكّ والضَجَر واليأس.
تبحث عنه.
تهيم في شوارع أورشليم طالبةً إياه.
أين أنتَ يا يسوع؟
تلتقي في الطرقات بنات أورشليم فتقول لهن: “أحلّفكن يا بنات أورشليم إن وَجَدتُنَّ حبيبي أن تخبرنه بأنيّ مريضةٌ حُبّاً” (نشيد ٥: ٨).
بنات أورشليم وجَدنَ العريس؛
وجَدنَ يسوع على طريق الجلجلة حاملاً صليبه.
بَكينَ عليه ولطمن صدورهن.
ولكنه طمأنهن قائلاً: “لا تبكينَ عليّ يا بنات أورشليم”(لوقا ٢٣: ٢٨).
يسوع العريس ماضٍ إلى عرسه على قمة الجلجلة، إلى عرس الحَمَل (رؤيا ١٩: ٩).
هناك، عند أقدام الصليب، ستكون أيضاً العروس حيث يقول لها العريس: “قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي. لأن الشتاء قد مضى والمطر مرَّ وزال. الزهور ظهرت في الأرض” (نشيد ٢: ١٠).
قومي مع قيامتي.
شتاء الموت والخطيئة قد مضى.
مطر الحزن والنوح قد زال.
ربيع القيامة أزهرَ فقومي معي بقيامتي.
يقول لها وهو على الصليب: “أسمعيني صوتَكِ” (نشيد ٢: ١٤)،
وهي تجاوبه “تعال أيها الرب يسوع” (رؤيا ٢٢: ٢٠).
وهناك أيضاً تحت أقدام الصليب، “تحت شجرة التفاح شوَّقتُكَ” (نشيد ٨: ه)، هناك يتم العرس فتقول الكنيسة العروس المُفداة ليسوع الفادي: “اجعلني كخاتم على قلبِكَ، كخاتم على ساعدك لأن المحبة قوية كالموت” (نشيد ٨: ٦). لا شيء يقهر قوّة الموت إلاّ قوّة المحبّة، ولهذا دخل المسيح العريس الموت وحطمه بقوّة المحبّة. “الموت أُميت” كما نقول في ترتيلة “اليومَ صار الخلاص للعالم” ولكن المحبة لا تموت: “المحبّة لا تسقط أبداً” (١كورنثوس ١٣: ٨).
نشيد الأناشيد هو من نصوص رتبة عيد الفصح اليهودي وهو مجموعة قصائد للأعراس، وقد تحققت كل معانيه فعلياً ولاهوتياً وليتورجياً بالرب يسوع المسيح الفصح الحقيقي وعريس النفس البشرية الى الأبد…آمين
No Result
View All Result