
” كُنتَ أمينًا على القليلِ، فسَأُقيمُكَ على الكَثيرِ: اَدخُلْ نَعيمَ سيِّدِكَ.” ( متى 21:25)
الوزنات هي كلّ ما هو بين أيدينا من عطايا الرّبّ، ولقد هبنا الله الكثير، ووثق بنا وسلّمنا ما هو له. أن يضع الله ملكه في خدمتنا فهذا يعني أنّه يؤمن بقدراتنا على إظهار مجده في هذا الملك، ويثق بأنّنا نستطيع المتاجرة به وجعله أضعافاً. وزناتنا هي صحّتنا، ومالنا، وأولادنا، وعلمنا، وعقلنا، وعاطفتنا… وهبنا الرّبّ إيّاها ووثق بنا وعلّق علينا آمالاً كثيرة لنتاجر بها، فمن وثق منّا بالله أحسن المتاجرة، ومن لم يثق، حفر في الأرض ودفنها.
أوّل وزنة مُنحت لنا هي ذاتنا، أي كياننا الإنسانيّ المقدّس في عينيّ الرّبّ. وبالتّالي تستحقّ هذه الذّات الاهتمام والرّعاية على كلّ المستويات، الفكريّة والنّفسيّة والرّوحيّة. وينبع هذا الاهتمام من محبّة الذّات التّي هي لله. وليس المقصود محبّة الذّات من باب الأنانيّة والانطوائيّة، بل المقصود محبّة الإنسان الّذي كان في فكر الله ثمّ خُلق على صورته كمثاله. هذه المحبّة للذّات ضروريّة، وعنها تنتج محبّة الآخر. فكيف يمكن للإنسان أن يحبّ آخراً ما لم يكن محبّاً لذاته. ولو تأمّلنا قول الرّبّ: ” أحبب قريبك حبّك لنفسك”، فهمنا كيفيّة محبّة الآخر انطلاقاً من محبّة ذواتنا. بمعنى آخر، يصبح الآخر متساوٍ معنا، فنحبّه ونهتمّ به كما بأنفسنا.
من ناحية أخرى، محبّة الذّات تشمل الاهتمام بالعقل وتطويره وتقدّمه وانفتاحه على الحكمة الإلهيّة. كما تفترض مصالحة مع الذّات وصداقة معها، تبيّن لها حسناتها وسيّئاتها، فترفع الأولى وتحاول التّخلّي عن الثّانية. ولمّا اتّزن العقل وتنقّت النّفس من شوائبها، تحرّرت الرّوح من كلّ اضطراب وقلق، وتفاعلت أكثر فأكثر مع الحبّ الإلهي، واقتربت من بلوغ ملء قامة المسيح.
نحن الأغصان في الكرمة، يسوع المسيح، ننمّي عطايا الله، نصقلها لنحقّق صورة الله فينا وفي الجماعة، وإلّا نكون قد أقصينا أنفسنا عن هذه الجماعة. لقد اؤتمنّا على القليل، وينبغي استحقاق ثقة السّيّد حتّى نستحقّ دخول نعيمه.
No Result
View All Result