الصلاة المقدَّسة والمؤلِّهة
سمعان التسالونيكي
ترجمة المطران بولس يازجي
هذه الصلاة الإلهية، استدعاءُ ربِّنا ومخلِّصنا يسوع المسيح “يا ربي يا يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني”، هي صلاةٌ ورجاءٌ واعترافٌ إيمانيّ. تُحضر الروح القدس. تهبنا نعمه الغنية الإلهية. تنقّي القلب. تطرد الشياطين. تجعل يسوع المسيح يسكن فينا. إنها نبعٌ للمعاني الإلهية والأفكار الروحية. تمحو الخطايا. تشفي الجسد والروح. تهب الاستنارة الإلهية. تُجري نبعاً من الرحمة. تكلِّل المتواضعين بالكشوفات الإلهية. إنها الصلاة المخلِّصة لأنها تحوي اسم إلهنا المخلِّص فيها، الذي “ليس بأحدٍ غيره الخلاص. لأنّ ليس اسمٌ آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص”[1] كما يقول الرسول.
إنها صلاةٌ، لأننا نطلب فيها الرحمة. وهي رجاءٌ لأننا نودع أنفسنا للمسيح الإله بترداد اسمه. وهي اعترافٌ إيمانيّ، لأن بطرس عندما اعترف بما فيها طوَّبه الرب[2]. وهي تُحضر الروح القدس، لأنَّ لا أحد يقول يسوع ربَّاً إلا بالروح القدس[3]. تهبنا النعم الإلهية، لأنه بواسطتها قال المسيح لبطرس “لك أعطي مفاتيح ملكوت السماوات”[4]. تنقّي القلب، لأنها تؤهِّل من يكتسبها لرؤية الله، وتنقّيه. تطرد الشياطين، لأنه باسم ربِّنا يسوع تمَّ طرد الشياطين ولا يزال. تجعل يسوع المسيح يسكن فينا، إذ بتذكُّره الدائم يأتي ويسكن فينا ويملأنا فرحاً، كما يقول المزمور “يفرح الصدِّيقون ويبتهجون أمام الله ويطفرون فرحاً”[5]. إنها نبعٌ للمعاني الإلهية والأفكار الروحية، لأنّ في المسيح يُدَّخر كنزُ كلِّ حكمةٍ ومعرفة[6]، وهو يهبها لمن يسكن فيه. تمحو الخطايا، لأن به أُعطي سلطان مغفرة الخطايا، فباسمه كل ما نحلُّه على الأرض يكون محلولاً في السماء[7]. تشفي الجسدَ والروح، لأنه “باسم يسوع الناصريّ قام الأعرج ومشى”[8]، وقال بطرس “يا أينياس يشفيك يسوع المسيح، قُمْ… فقام للوقت”. تَهَبُ الاستنارة الإلهية، لأنَّ المسيح هو الضوء الحقيقيّ[9]، يعطي بهاءه ونعمته لمن يدعوه، كما يرنِّم صاحب المزامير “وليكن بهاءُ الربِّ إلهِنا علينا”[10]، وكقول السيد “من يتبعني لا يمشي في الظلام بل له نور الحياة”[11].
تُجري نبع الرحمة، لأننا نطلب الرحمة فيها، والربُّ صالحٌ وغفورٌ وكثير الرحمة لجميع الداعين إليه[12]، “ويُنصِف مختاريه الصارخين إليه نهاراً وليلاً”[13]. وتُكلِّل المتواضعين بالكشوفات الإلهية، لأنّ هذا الاسم جَعل الآب من السماء يكشف لبطرس[14]، وبهذا الاسم ارتفع بولس إلى السماء وسمع كلماتٍ وفرطَ إعلاناتٍ[15]، وهذا ما يَهَبه دوماً هذا الاسم. إنها الصلاة المخلِّصة، لأنه ليس باسمٍ آخر، يقول الرسول، يمكن أن نخلُص[16]. لأن هذا هو المسيح مخلِّص العالم[17]. لهذا في منتهى الدهور، طوعاً وكرهاً “سيعترف كلُّ لسانٍ أنَّ يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله الآب”[18]. وهذه هي علامة إيماننا، ولهذا ندعى مسيحيين، وهذه هي الدلالة أننا من الله “أنَّ كلَّ روحٍ يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله”[19]، ومن لا يعترف بذلك فليس هو من الله، بل مع روح ضد المسيح.
يتوجّب إذاً علينا، جميع المؤمنين، أن نردِّد هذا الاسم بلا انقطاعٍ، لنعترف بإيماننا، ولأجل محبَّتنا للرب يسوع المسيح، الذي لا يفصلنا عنه شيءٌ البتة[20]، ولأجل ما يعطيه هذا الاسم من نعمةٍ وغفرانٍ وشفاءٍ وتقديسٍ واستنارةٍ وقبل كلّ شيءٍ الخلاص.
بهذا الاسم كرز الرسلُ واجترحوا العجائب. وهذا ما يُعلنه الإنجيلي: “كتبتُ هذا لتؤمنوا أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله، وإذا آمنتم تكون لكم حياةٌ باسمه”[21]. وهذه هي حياتنا وخلاصنا.
[1] أع 4، 12.
[2] مت 16، 17.
[3] 1 كو 12، 3.
[4] مت 16، 19.
[5] مز 67، 3.
[6] كو 2، 3.
[7] مت 16، 19 و 18، 18.
[8] أع 3، 1- 6.
[9] يو 1، 9.
[10] مز 89، 12.
[11] يو 8، 12.
[12] مز 85، 5 و 144، 8.
[13] لو 18، 7.
[14] مت 16، 17.
[15] 2 كو 12، 2.
[16] أع 4، 12.
[17] يو 4، 3.
[18] في 2، 11.
[19] 1يو 4، 2.
[20] رو 8، 35.
[21] يو 20، 31.