
المسيحية في شبه الجزيرة العربية
خلال الحفريات التي أجراها علماء الآثار في “هيئة أبوظبي للثقافة” بجزيرة “صير بني ياس”، تم اكتشاف لوحة تحمل صليباً قديماً.
وقد تبيّن أن هذا الصليب يعود إلى القرن السابع أو الثامن الميلادي، ويُشبه صلباناً قديمة عُثر عليها في العراق والكويت، ويرتبط تقليدياً بكنيسة المشرق التي تعود جذورها إلى بلاد الرافدين.
وبدأ علماءُ الآثار في كانون الثاني الماضي وبداية هذا الصيف حملةَ تنقيبات جديدة، وهي الأولى من نوعها منذ أكثر من ثلاثين عاماً. ففي تلك الفترة السابقة كان قد جرى اكتشاف كنيسة وديرٍ مسيحي على الجزيرة.
ويُرجَّح أن مواقع مشابهة تعود إلى الحقبة نفسها قد كُشفت أيضاً في أم القيوين والكويت وإيران والسعودية.
وقال أحدُ علماء الآثار المشاركين في الحملة: إن هذا الصليب المسيحي المكتشف في الجزيرة يثير شعوراً بالفخر والاعتزاز، وأضاف أن هذه الاكتشافات تُذكّرنا جميعاً بأهمية الحفاظ على التراث وتعزيزه، كما تُلهم الأجيال القادمة بروح الوحدة والاحترام المتبادل التي شكّلت جزءاً أصيلاً من هوية مجتمعنا.
وكانت المسيحية قد انتشرت في شبه الجزيرة العربية بين القرنين الرابع والسادس الميلاديين، لكن لاحقاً ومع دير “صير بني ياس”، شكّلت حضوراً مسيحياً بارزاً في المنطقة.
ومنذ عام 1992، كُشف في الجزيرة عن بقايا كنيسة ودير، ولا تزال الأبحاث والتنقيبات جارية حتى اليوم.
وقد عثر العلماء على هذا الصليب المسيحي المصنوع من الجبس داخل أحد البيوت القديمة على الجزيرة.
وهذا الارتباط بين الدير ومنازل الرهبان يرسم صورة واضحة لحياة مجتمع مسيحي كان يعيش في عزلة وتأمل على الخليج العربي قبل قرون من اليوم.
ومع هذا الدليل المادي، أصبح مؤكداً أن المسيحية لم تكن مجرد ذكرى عابرة في تاريخ الخليج، بل كان لها حضور ملموس وواضح في المعمار والحياة اليومية.
ويشير هذا الاكتشاف إلى أن الرهبان عاشوا في مساكن متواضعة قرب الدير، يتعبدون ويتأملون على غرار ما كان في أديرة سوريا ومصر والعراق آنذاك.
ومن هنا، نستنتج أن وجود المسيحيين في الخليج سبق ظهور الإسلام بفترة طويلة، وقد تأثرت بذلك ثقافات المنطقة وتقاليدها حتى مع تطور الأحداث لاحقاً.
وهذا يفتح الباب لنقاش جديد حول التنوع الديني وأصول التعايش بين الأديان في الجزيرة العربية.
وقد يكون استمرار البحث في هذه المواقع الأثرية سبباً في اكتشاف المزيد من الأسرار التي تعيد رسم ملامح تاريخنا وثقافتنا.
ولعل في هذا الصليب الصغير تذكير كبير بأن حضارتنا غنية بالتنوع، وأن التعايش كان – وما زال – جزءاً من قصتنا على هذه الأرض.

صفحة البيت_اللبناني_السرياني
No Result
View All Result