
عذابات المطهر الرهيبة، تبدأ فوراً بعد الموت، وقبل الدفن
هذه الحادثة التي سنرويها اليوم، هي واحدة من عدّة حوادث مماثلة، للتذكير بهول العذابات المطهرية الفظيعة مباشرةً بعد الموت، وبعد المثول فوراً أمام الديّان العادل يسوع المسيح للمحاكمة.
نُذكِّر على سبيل المثال:
قصة الرجل الشقيّ التي رواها القديس أنطونيوس البدواني في كتاب ” ميزان الزمان والأبدية “، والتي فيها أخبر عن رجلٍ شقيٍّ سمحَ الله بأن يبتلي بمرضٍ عُضال، وكان يصرخ من الألم والوجع. فأرسل الله له ملاكاً من السماء، ليجعلهُ يختار بين أحد الخيارَين: إمّا أنْ يبقَ بعد سنتين على فراش العذاب، وإمّا أن يبقَ يومين في عذابات المطهر. فاختار الشقيّ يومين في المطهر. فإذا به في المطهر، ويبدأ بالصراخ من شدّة الآلام ولهيب النار. فأرسل الله له من جديد الملاك نفسه، وحضر أمامه في المطهر وقال له: أتذكرني، إني الملاك المُرسَل من الله الذي خيّرتُكَ بين فراش العذاب سنتين، ويومين في المطهر. فأجابه الشقيّ: أنتَ كذّاب، ولست ملاك الله، لأنّ ملاكَ الله لا يكذب. فأنا هنا أتعذّب منذ سنوات طويلة، بينما ملاك الرب قال لي، ستبقى فقط يومين في المطهر !!!!!!
عندها، استوى الملاك وقال له: ” إعلَمْ أيها الرجل، أنتَ هنا منذ وقتٍ قصيرٍ جداً، وجسدُكَ لم يُدفَن بعد “.عند هذه الصدمة المرعِبة، قال الشقيّ للملاك: أرجوكَ، إلتَمِسْ لي من الله أن يُعيدني إلى جسدي، وأنا مستعدّ لتحمّل الآلام لسنين طويلة، ولا يتركني لحظة واحدة في عذابات المطهر.
الأخ الكبوشي دانيال، صديق القديس بادريه بيو، والذي بعدما أعادهُ الله من المطهر إلى جسده في المستشفى في روما، بعد تشفّع صديقه القديس بيو لدى العذراء مريم، عاش أربعين سنة على الأرض يُكرِّم وجه يسوع الأقدس، تكفيراً عن خطاياه، ولكي لا يبقى لحظة واحدة في المطهر.
أمّا الحادثة التي سننقلها اليوم فهي الآتية:
في أحد الأديرة الفرنسية، قام راهبان، كان لديهما غيرةٌ كبيرة لنجدة النفوس المعذَّبة في المطهر، بتقديم وعدٍ رسميٍّ لبعضهما البعض: بأنّ أحدهما سيحتفل فوراً بالقداس الصباحي، لمن يموتُ أولاً .
تُوُفِيَّ أحدهما. وفي صباح اليوم التالي، احتفل له رفيقه بقداس الصباح. وفي خلال صلاة الشكر، في نهاية القداس، رأى الكاهن صديقه المُتوَفّي، يظهر أمامه متألقًا بالمجد… ثمّ أخذَتْ هذه النفس المجيدة مَظهراً أكثر كآبةٍ وقالت لصديقها: “يا أخي، ولكن أين كنتَ” ؟. إنّ روحكَ لا تستحقّ رحمة الله! “لقد تركتني في المطهر لأكثر من سنةٍ قبل أن تحتفل بالقداس عن راحة نفسي، الذي وعدنا به بعضنا البعض في حال تُوُفِّيَ أحدُنا قبل الآخَر؟؟؟
فردّ عليه رفيقهُ الراهب بصدمة: ماذا تقول؟ إنّ جثَّتُكَ لم تُدفَن بعد! لقد غادرتَ هذا العالم منذ ساعات قليلة فقط، وقد انتهيتُ أنا للتوّ من الاحتفال بالقداس الإلهي عن راحة نفسكَ، الذي وعدنا به بعضنا البعض …؟”.
عندها، تنهَّدَتْ روحُ الراهب المتوفّي وقال: “آه، ما أفظعَ المعاناة في المطهر، وما أرهب عذاباته! الآن سأطيرُ إلى السماء، حيث سأدعو الله أن يمنحكَ الشكر على ما فعلتهُ من أجلي، لأن هذا القداس كان ضرورياً جداً بالنسبة لي، لكي أتحرَّر من عذابات المطهر المهولة، وأصعد إلى موطني الحقيقي الدائم في السماء.
العبرة والقصد:
كلّنا سنمرّ في المطهر، لأننا كلّنا خطأة، وبحاجةٍ بعد الموت إلى التطهُّر من خطايانا في المطهر، في حال لم نَصِل إلى القداسة على الأرض، كما طلب منّا الرب يسوع في الإنجيل: ” كونوا قديسين كما أنّ أباكم السماوي قدّوسٌ هو”.
لذلك، وكفعل محبة تجاهَ أخوتنا المُعَذَّبين في المطهر، فلنُصلّي كل يوم من أجل هذه النفوس المُخَلَّصة ، والتي ينتظِر الرب يسوع بفارغ الصبر صعودها إلى السماء ليغمرها في مجده السماوي إلى الأبد، بعد انقضاء فترة تطهيرها في المطهر، حيثُ هناك يتوجَّب عليها أن توفي الدَيْن المُتَوَجِّب عليها حتى آخِر فِلس.
فقداديسنا، وصلواتنا، وصومنا، وإماتاتنا، وأعمال الخير، المُقدَّمة على نيّتهم، تختَصِر زمن عقوبتهم في المطهر🕯️ومَنْ لا يتذكّر نفوس أهله وأصدقائه الذين في المطهر، فالله سيُعاقبهُ، بأن يجعل الجميع على الأرض ينسونهُ، لأنه لم تكن لديه المحبة تجاهَهم.
للتذكير: المطهر هو عقيدة ثابتة في الكنيسة الكاثوليكية، ولا يمكن لأحد مهما علا شأنه أن يُلغيها.
وعلى المعلِّمين والوُعّاظ، التشديد في عِظاتهم وتبشيرهم، على عواقب الإنسان الثلاثة بعد الموت، أي:
السماء، المطهر، وجهنم. ولأنه، وبسبب إمّا صمتهم، وإمّا تعليمهم الخاطئ المُضَلِّل بعدم وجود المطهر، تعيش الناس في الخطيئة بدون توبة، وتجد نفسها بعد الموت: إمّا في عذابات جهنم الأبدية، أو في عذابات المطهر الرهيبة المؤقّتة.
الإيكونوموس الياس رحّال
No Result
View All Result