
كنت أتساءل لماذا سحرتني هذه الأيقونة القديمة الداكنة ؟
نحن نتاج طفولتنا. كنت أتساءل لماذا سحرتني هذه الأيقونة القديمة الداكنة؟ تذكرت حدثاً عندما كنت طفلاً. سمعنا آنذاك أن أيقونة لوالدة الإله في أميون تنضح زيتاً. فذهبنا مع أمي وأبي وشقيقتي للزيارة والتبرك. كانت الكنيسة تغصّ بالزوار، وبالكاد استطعنا رؤية الأيقونة التي كانت تظهر أمامنا، خلف الأزهار، داكنة اللون كمزيج من الألوان التي غطاها الزيت ودخان البخور المتصاعد نحوها وجماهير المؤمنين الذين كانوا يحجبون رؤيتها عني.
تمنيت لو أستطيع اقتناءها، او اقتناء ايقونة مثلها… ولكن ذلك لا يعدو كونه حلماً مستحيلاً… فالأيقونات القديمة نادرة جداً في بلادنا، وباهظة الثمن، وانا طفل صغير فقير لا اعرف لذلك سبيلاً. فاكتفينا ببركة من هناك: قطنة مغمسة بالزيت الناضح منها، مع صورة صغيرة عن الايقونة القديمة العجائبية، كنت احاول قدر المستطاع الحفاظ عليها.
هي هكذا: داكنة اللون قديمة ، مزيج من الذهب العتيق والخشب العتيق واللون الترابي .
كانت أول أيقونة للسيدة عجائبية أراها في حياتي.
عندما كبرنا، ذهبت مع صديقتين وصديق إلى الكنيسة نفسها. هم جميعاً لا يعرفون منطقتنا. من جملة ما أردت أن أريهم اياه: الأيقونة في كنيسة أميون.
في ذلك الوقت لم يقل أحد ان الأيقونة ترشح زيتاً، ولم يكن في الكنيسة إلا نحن والكاهن. بدأ الكاهن يشرح عن الكنيسة ثم اقتربنا من الأيقونة، وما ان بدأ يتحدث عن عجائبيتها، إذا بسائل ينبع منها امام عينيّ، ويتدفق سائلاً .
شعرت بقشعريرة غريبة، ورحت أحدّق بها بعينين ملأتهما الدموع، ثم رسمت إشارة الصليب وقمت بتصويرها بهاتفي كي تبقى معي بركةً وشهادةً وأكثر من مجرد ذكرى.
نعمة كبيرة ان ترى أعجوبة تحدث امام عينيك هكذا، بهذه العفوية، بشكل مفاجئ، بدون ناس، بدون إعلام، بدون إعلان.
ثم مرت بضع سنوات، ذهبت فيها إلى روسيا، ورأيت أجمل الأيقونات، وأفخمها، وأثمنها، واستطعت بنعمة الرب ان اقتني الكثير منها.
ولكن مع ذلك، بقي للأيقونة القديمة الداكنة في قلبي موقع خاص … الأيقونة العتيقة البسيطة بالألوان الترابية، بقيت بالنسبة لي هي “الايقونة النموذجية”، الايقونة العجائبية بامتياز.
بحثت كثيراً عن أيقونة اشعر بأنها عجائبية ايضاً … بمواصفات البساطة نفسها… إلى ان وجدت هذه الايقونة الرائعة صدفةً … فشعرت بالقشعريرة نفسها …. قشعريرة الطفولة البريئة امام المعجزة، فحملتها معي إليّ لتحمي بيتي وترافقني إلى الابد.
وبعد… اشكر الرب على كل ما أنعم به عليّ… على جعله من كل صعوبة فرصةً ونعمةً… فإنه يفتقدني اكثر مما استحقّ.
شكرا للاخ رودريك خوري
No Result
View All Result