
الشرود المستمرُ في الصلاة
يقول النبي الإلهي إرميا: “إِلَى مَتَى تَبِيتُ فِي وَسَطِكِ أَفْكَارُكِ الْبَاطِلَةُ؟” (إرميا 14:4). هذا أهمُّ ما نحتاجُه: نحتاجُ أن نطردَ جميعَ أفكارِنا الشريرة من قلبنا. كم من الأفكارِ الشريرةِ لدينا، وما أبطأنا في طردِ هذه الأفكار ِمن قلوبِنا! وإذا كان قلبُنا مليئاً بالأفكار الشريرة، فكيف سنتمكن من الصلاة؟
كما ترَون، ينتجُ التشتُّتُ في الصلاةِ من كونِ القلبِ لا يصعدُ دائماً، من الصباحِ إلى المساء، نحو الله، ومن كونِ الناس لم يجعلوه هدفَ حياتِهم أن يصعدوا إلى الله، ولا هم يلحَظون أنهم لا يصعدون نحو الله، بل ينحدرون أدنى فأدنى. لهذا ليس لديهم صلاة.
هناك صلاةٌ عظيمةٌ وتُعتبرُ الأكثرَ أهميةً وأساسيةً للرهبان، يتلونها مع ركعات وسجدات: “أيها الربُّ يسوعُ المسيح ابنُ الله ارحمني أنا الخاطئ”. لهذه الصلاةِ قوةٌ كبيرة، ومن يعتادُ عليها ويكررُها باستمرارٍ يتلقى بدون تغييرٍ نعمةً من الله ويتعلَّمُ الصلاة. ولكن حين أنصحُ الناسَ أن يبدؤوا بهذه الصلاة، فإنهم يحاولون ثم سرعانَ ما يستسلمون قائلين: “إننا نكرر ُالصلاةَ ميكانيكياً ولا نجدُ أي فائدة”. يريدون ذلك على الفور، يريدون الحصولَ على المنافعِ بسرعة، لا يفهمون أنه فقط عبر العملِ الروحيِّ والجسديِّ الطويلِ يمكن اكتسابُ قدرةٍ عظيمةٍ على الصلاة، وأنَّ ذلك لا يُمنَح لأيٍ كان على الفور.
وحدَه الشرود المستمرُ لأفكارِكم يعرقلُكم، لأنكم في صخبِ العالمِ المستمر. نادراً ما تركزون أرواحكم على الأكثرِ أهميةً والأعظمِ والأقدس. أدرِكوا مدى صعوبةِ تعلُّم الصلاة. اِفهموا أنَّ الصلاةَ الخاليةَ من شرودِ الذهن وطوافِ الأفكارِ يمكنُ أن يحققَها القديسون فقط. دعوا أنفسكم تتشبعُ من الإدراكِ المتواضعِ لضعفِ صلاتكم لأنكم بعيدون عن القداسة.
صلِّوا بأفضلِ ما تستطيعون، بإخلاص، كالأطفالِ الصغار. يسمعُ المسيحُ صلواتكم، إذ مهما تكنْ ضعيفةً فإنها ترتفع عالياً جداً إلى الله، والربُّ يتقبلُ جميعَ الصلوات. لا تُحبَطوا، لا تكونوا كسالى، لا تتوقعوا أن تتحررَ صلاتُكم من السَّهوِ بسرعةٍ وسهولة.
منقول من مجلة التراث الأرثوذكسي
No Result
View All Result