
الموت راحة
الموت راحة، وتخلّصٌ من أتعاب الدهر وهمومه. فحينما ترى أحد أقربائك يرحل من ههنا، لا تسخط، بل تقبّلْ موته بفكرٍ ورعٍ، وعدْ إلى نفسك، وافحص ضميرك، واحسَب أن النهاية قريبةٌ بالنسبة إليك… فحتّى ولو كان الموت ناجماً عن الخطيئة، إلّا أنّ الله يستخدمه لصالحنا.
يسمّى الموت رقاداً في كلّ مكان، ولهذا السبب يسمّى هذا الموضع مقبرة. ذلك كما لو كان يُقال إنّه موضعٌ مخصَّصٌ للراحة والرّقاد، وهذا الاسم إنّما هو مفيدٌ ومملوءٌ تعليماً. فحينما تصطحب ميْتاً إلى ههنا، لا تتفجّع، لأنّك لم تصطحبه إلى الموت بل إلى الرقاد ، وهذا الاسم كافٍ لتسكين وجعكَ وتخفيفه.
إن كنت تخشى الموت، فاخشَ الرقاد أيضاً. إن كنت تخشى الموت، فاخشَ الأكل والشرب أيضاً، إذْ كلاهما طبيعيّ. عندما نخاف الموت، إنّما نكون خائفين خوفاً صبيانيّاً. فنحن نخشى الموت، ولكننا لا نخشى الخطيئة قطّ! ولدى الأولاد الصغار خوفٌ من الأشباح، لا من النار … وكذلك نحن، إذْ نخشى الموت الذي ليس هو في الواقع سوى شبَح، دون أن نخشى الخطيئة التي ينبغي الخشية منها حقّاً والتي تلتهم الضمير كالنار. وهذا ليس ضمنَ طبيعة الأمور، بل ينجم عن جهلنا .. فلقد كانت وفاتنا تسمّى موتاً في الأزمنة القديمة، وأمّا بعد مجيء المسيح وموته لأجل حياة العالم، فلم يعُدِ الموت يسمّى موتاً، بل رقاداً أو نومًا.
(القدّيس يوحنّا الذهبي الفم)
مجموعة مواضيع عقائدية وروحية
No Result
View All Result