
الإنسان المسيحي يُجاهد كُل حياتِهِ ليبلغ مِلئ قامَة المسيح
“الإنسان المسيحي يُجاهد كُل حياتِهِ ليبلغ “مِلئ قامَة المسيح” (أفسس ٤: ١٣) أي ليصير مسيحي بالفعل. يُفَكِّر مثل المسيح. يشعر مثل المسيح. يتكلّم مثل المسيح. يتصرّف مثل المسيح. كأنه هو نفسه المسيح. بل هو والمسيح صارا واحداً. نرى فيه يسوع المسيح نفسه في شخص آخر. اتِّحاد حقيقي دون إلغاء للشخص. اتِّحاد حَتى الموت، وحتّى في طريقة الموت كما نرى في الشهداء القديسين على مِثال القديس استفانوس أول الشهداء.
فكما وَقَفَ يسوع المسيح وقال للمجمع: “من الآن تُبصرون ابنَ الإنسان جالِسًا عن يمين القوة، وآتيًا على سحاب السماء” (متى ٢٦: ٦٤) هكذا وقف القديس استفانوس وقال الكلام نفسه للمجمع نفسه: “ها أنذا أنظُرُ السّمَاوات مَفتوحَةً، وابنَ الإنسان قائمًا عن يمين الله” (أع ٧: ٥٦) والمعنى أن يسوع الذي حكمتم عليه بالموت، هو نفسه الإله الذي سيأتي ليحكم عليكم في يوم الدينونة، بحسب ما سبق وأعلن عنه بالرؤيا للنبي دانيال.
فالنبي عندما رأى يوم الدينونة مُسبقًا، قال عن المسيح أنه “ابن الإنسان” للتأكيد عن حقيقة تجسُّده. ثم لكي يوضح ألوهيته قال عنه أنه رآهُ “آتيًا على سُحُبِ السماء”، أي بجسد مُمَجَّد غير خاضع لجاذبية الأرض، وأنه “أعطِيَ سُلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتَتَعَبَّد له كُلُّ الشعوب، سُلطانٌ أبَدي لا يزول” (دا ٧: ١٣-١٤) هكذا، كان الرب يسوع، قبل موته بقليل، يدعوهم ليتوبوا فينجوا من دينونته العادلة. وهكذا أيضًا استفانوس.
لكنهم حَكَموا على يسوع قائلين: “قد جَدَّف… إنه مُستَوجِبٌ الموت” (مت ٢٦: ٦٦)، وهكذا أيضًا، بعد سماعهم الكلمات نفسها من استفانوس، “أخرجوه خارج المدينة ورجَموه” (أع ٧: ٥٨)؛ ويسوع أيضًا صَلبوه خارج أورشليم في مكان الجلجلة.
على الصليب نادى يسوع بصوت عظيم وقال: “يا أبتاه في يديكَ أستودع روحي” (لو ٢٣: ٤٦) وهكذا أيضًا استفانوس فيما كانوا يرجمونه كان يدعو ويقول: “أيها الرب يسوع اقبَل روحي” (أع ٧: ٥٩)
على الصليب تضرَّعَ يسوع من أجل صالبيه قائلاً: “يا أبتاه، اغفِر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”. وهكذا استفانوس صَرَخَ بصوتَ عظيم: “يا ربّ، لا تُقِم لهم هذه الخطيئة” (أع ٧: ٦٠)
في كل شيء ماثل التلميذ معلمه! يبقى واحدة القيامة من بين الأموات! لذلك يقول عنه الكتاب: “إذ قال هذا رَقَدَ” (أع ٧: ٦٠) ولا يقول: مات! لأنه حقًا موت الشهداء وجميع القديسين هو مجرد رُقاد، نوم، بانتظار قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي. موتهم كمن يدخل فراشه في الليل ليستيقظ في الغد مستوطنًا ملكوت السماوات حيث المجد الأبدي والحياة التي لا موت فيها.
No Result
View All Result