
كل شيء مستطاع للمؤمن
( مرقس ۲۳ : ۹ )
لا تعني دائماً الاستجابة المباشرة الفورية . قد يتمهل الرب في تلبية طلبنا بقصد تدريبنا على حياة الإيمان ، حياة الصبر والرجاء ، حياة الشجاعة والأمل ، حياة التمسك بالرجاء والجهاد في الصلاة ، فيجعلنا نمر بعدة مراحل تدريبية يقوى بواسطتها إيماننا ، ونحصل على الإيمان الغالب الظافر .
إنك ترقَ يا أخي في حياة الإيمان ، عن طريق تدريب الإيمان . فإذا لم يجبك الله فوراً فماذا تعمل ؟
أتقطع علاقتك معه وتسمح لأملك أن يخيب ؟ ولرجائك أن يفقد ؟
لا بل التمس الله وثق أنه قادر وأنه يستطيع ، فلا تتأثر بتفكيرك البشري ، أو شعورك الإنساني . بل اثبت في إيمانك ، ولا تتزعزع عالماً أن تأني الله لخيرك .
تأمل أبطال الكتاب ! ألم يتعامل الله معهم هكذا ؟
اذكر ابراهيم وموسى وإيليا ! أذكر فترة تدريب كل منهم ! أكانوا يليقون بالعمل العظيم المقدس الذي دعاهم الله إليه لولاها ؟
انظر مثلاً إلى يوسف في سجنه . يقول الكتاب” ان قول الرب امتحنه ” ـ لا السجن ولا القيود ، ولا الفراش الخشن ، ولا الطعام الشحيح ، بل قول الرب ! وكيف ذلك ؟
أن الله وعده بالترقية والرفعة دون إخوته ، وانتظر يوسف وعد الرب وقد بدا الآن مستحيلاً ، فكل حادث في حياته يقف عائقاً دون ذلك . والآن هو في السجن ، مغلقاً عليه ، يكاد ينفذ صبره ، وتنطفىء جذوة أمله . كان سجيناً بريئاً ، لا يفرج عنه ، وغيره من المذنبين قد أطلق سراحهم !
ماذا قصد الرب من كل ذلك ؟
كانت تلك ساعات تجربة روحية أضنت نفس يوسف وأزهقت روحه ، لكنها كانت فترة تدريب إلهي ، أهلته للقيام بالمهمة التي عينها له الله ، علّمه خلالها المحبة لإخوته ، والصبر عليهم ، وزوده بحمكة وشجاعة لعرش مصر وسياسة أهلها .
لا تدريب يضاهي تدريب الله ولا صبر كالصبر يحصّل في مدرسته . أيعد الله ولا يفي ؟ حاشا ! ولكنه يتأنى عليك ليدربك ، ويعلمك الصبر والمحبة ، فيؤهلك لما وعدك به ، وبدون هذا التدريب ، يستحيل عليك إتقان مسؤولياتك أو إتمام قصد الله .
(كتاب ينابيع في الصحراء)
No Result
View All Result