أيقونة “مَثَل الدينونة الأخيرة” – الايقونة وشرحها

أيقونة “مَثَل الدينونة الأخيرة”

تُصوّر الأيقونة فئتين من الناس في سياق “مثل الدينونة الأخيرة” (متّى ٢٥: ٣١-٤٦). تمثل الفئة الأولى شخصاً يسعى لإيجاد الحقيقة من خلال الكتب والقراءة، مُعتقداً أن الحكمة البشرية كافية. يظهر هذا الشخص مُقيَّداً بالسلاسل، وكتابه فارغ، في دلالة رمزية إلى أن الحكمة الإنسانية المجردة لا تقود إلى شيء عملي أو حقيقي. أما الفئة الثانية فتُمثّلها امرأة، وهي تجسيد لمبدأ المشاركة المتزامنة في حقيقتين: الواقع الإلهي وواقع المجتمع. تظهر المرأة مُتّجهة بوجهها نحو المسيح (الاتجاه الإلهي) وهي تُقدِّم الخبز والخمر وبيدها المسبحة (في إشارة إلى الحياة والصلاة والعمل الكنسي)، وفي الوقت نفسه تنظر إلينا (الاتجاه المجتمعي). ويحمل هذا تجسيداً للفكرة القائلة بأن الوصول إلى الله يتطلب أولاً محبّة الناس ووجود جانب عملي في الإيمان، وليس مُجرد كلمات أو معلومات، بل عمل حقيقي مثل تقديم الخبز والخمر. أما بالنسبة للعناصر الزخرفية، فقد تم وضع شجرتي سرو في الأسفل، وهما تُمثلان رمزية خاصة، حيث يُظهر أسفلهما ثعبان قد اخترقه صليب، في إشارة إلى وعد القيامة وتغلُّب المسيح.

وتأكيداً على هذا المبدأ اللاهوتي الأرثوذكسي بأن الإيمان الحقيقي عملٌ وخبرة وليس مجرد معرفة، تتسق هذه الأيقونة مع أقوال القديسين الأرثوذكسيين، ومن أبرزها:

-القديس إيفاغريوس البنطي: يُلخص هذه العلاقة بقوله: “إن كنت لاهوتياً فستصلي بالحقيقة، وإن كنت تُصلي بالحقيقة، فأنت لاهوتي”، ما يربط اللاهوت بالخبرة الروحية النقية بدلاً من المعرفة العقلية البحتة.

-القديس مكسيموس المعترف: يُشدد على ضرورة الجانب العملي للمحبة بقوله: “من يبتعد عن محبة القريب، فهو يبتعد عن حياة الفضيلة، حتى لو ظن أنه يملك كل معرفة وكلمة”، مُعلناً أن المحبة هي الاختبار الحقيقي لأي معرفة روحية.

-القديس غريغوريوس النيصي: يضع الأساس لهذا الطريق بقوله: “بداية طريق المعرفة هي تطهير القلب”، ليؤكد أن مفتاح الحكمة الإلهية يبدأ من الداخل بالعمل على الذات وتنقيتها.

-القديس يوحنا السلمي: يوضح أن الطريق إلى اللاهوت لا يكون بالعقل وحده، فيقول: “اللاهوتيون هم الذين اجتهدوا في محبة الله والمصالحة معه، والذين يعيشون حياة طاهرة بغير لوم، أما أولئك الذين يحاولون إدراك اللاهوت بالعقل فقط فهم يخاطرون بالوقوع في الفخ”، مُشدداً على أهمية الجهاد العملي.

– أيقونة “مَثَل الدينونة الأخيرة” لكاتب الأيقونات (جورج كوردِس)