عيد مريم وسيطة كل النِعمْ
( 8 أيار)
النعمة عطيـّة سماوية بل هِبة إلهية يمنحها الله للنفس، فيقدسها ويجعلها وارثة لمجده.
بهذه النعمة يرتقي الإنسان إلى مقام يفوق مقام طبعه الإنساني، و يصير كفؤاً لأن يشاهد الله. بهذه النعمة أيضا يختفي الإنسان القديم، إنسان آدم الترابي، ويظهر إنسان العهد الجديد، إنسان المسيح ومريم العذراء.
هذه النعمة جاءت لنا بسر الفداء، عندما قدّم السيد المسيح دمه الطاهر لأبيه السماوي كفّارة عنا، وهو مصدر لجميع النعم الالهية. مريم العذراء قد نالت هذه النعمة حتى أن ملاك الله دعاها :
“يا ممتلئة نعمة”(28:1).
هي أم السيد المسيح وباتحادها به تصبح اماً للنعمة الإلهية، وأي نعمة قد نالتها فمصدرها ابنها.
وها هي ذي مريم على أقدام الصليب تجمع دم الحَمل الطاهر بيديها، دم النعمة الإلهية لتوزعـه على المسكونة كلها.
إن السيد المسيح قبل أن يسلم روحه الطاهرة بين يدي أبيه، جعل أمه أماً للبشر، أماً للكنيسة في شخص يوحنا، ومهمة الأم أن توزع من النعم الإلهية على أولادها.
ومنذ العصور الأولى للمسيحية وعرفت الكنيسة دور مريم الأم كموزعة للنعم الإلهية،
القديس ألفونس دي ليكوري مثلاً (1696-1787) يعلن :
“إن إرادة الله هي أن كل النِعم تأتي إلينا عن طريق مريم”،
وأيضاً يلّقبها القديس انسلموس (توفى عام 1787) “بأم كل النِعم”، ولهذا لم يكن عند عموم المسيحيين شيء أعز من إكرام العذراء متذكرين قول الكتاب الـمقدس :
“إن بنات كثيرات قد أنشأن لهن فضلاً أمّا أنتِ ففقتِ عليهن جميعاً” (أمثال29:31).

















