
ثلاثة سبل مختلفة ومتعددة للكذب
ثمة ثلاثة سبل مختلفة ومتعددة للكذب : الكذب بالفكر، بالقول وبالحياة نفسها. يكذب بالفكر ذاك الذي يتقبل الظنون. إن رأى أحداً يتكلم مع أخيه يفكر : “انهما يتكلمان عني”. وإن توقفا عن الكلام ظن أن هذا التوقف هو من أجله.
إن تفوّه أحد بكلمة يظنّ أنه يقصد أذيته. في كل شيء يظن بالقريب ويقول : هذا لأجلي يفعل هكذا، ولأجلي يقول هكذا، هذا هو الذي يكذب بالفكر. فهو لا يقول شيئاً مستنداً إلى الحق. كل شيء عنده يستند إلى التخمين.
من هنا تنشأ الحشرية (الفضول)، النميمة، التنصت على الآخرين، النقاش والإدانة. من جهة أخرى يحدث أحياناً أن يظن الواحد ويتبين أن هذا الظن صحيح فعلاً. وهذا ما يجعله يتطلّع دوماً إلى ما هو حوله مدعياً بأنه يريد بذلك إصلاح نفسه فيفكر هكذا : “إن قال أحد شيئاً ضدّي أنتبه إلى الخطأ الموجّه إليّ وأصلح نفسي”. أولاً إن مبدأ هذا الكلام هو من الشيطان. لأنه بداية الكذب ذلك عندما يظن بما لا يعلم بعد. أتعطي شجرة رديئة أثماراً جيدة؟ إن أراد فعلاً أن يصطلح، عليه أن لا يضطرب عندما يقول له أحد الاخوة : “لا تفعل ذلك، لماذا فعلت ذلك”. إنما عليه أن يسجد له شاكراً. عندئذ يتقدم.
وإن رأى الله حقاً أن هذه هي إرادته في أن يتقومّ لن يتركه يضلّ إنما يرسل له حتماً من يقدر على إصلاحه. أما إذا تعلل وقال: “إني أظن من أجل منفعتي وإصلاحي” واعتاد التنصت والتنقيب لما حوله، فهذا إنما هو تبرير باطل يوحيه الشيطان الذي يبغي تضليلنا.
(التعاليم الروحية للقديس دوروثاوس غزة_في الكذب ص١٠٧_ ١٠٨)
مجموعة مواضيع عقائدية وروحية
No Result
View All Result