
الموت السيّئ
ما الذي يراه الناس موتًا سيئًا؟
إذا سألتَ أكثر الناس عمّا يفهمونه من “الموت السيّئ”، فسيقولون: إنه موت الإنسان في ريعان شبابه، وهو متزوّج، متمتّع بالصحة، غنيّ، يترك وراءه أولادًا وزوجة حزينة.
لا شكّ أن مثل هذا الموت مأساويّ.
قال الملك حزقيا: «يا إلهي، أأموت في منتصف أيامي، في قوّة حياتي!»
وطلب من الله ألا يأخذه في ريعان عمره.
ويرى آخرون أن الموت على يد الجلاد موت سيّئ، وآخرون يعدّون الموت المفاجئ أو الغرق أو السقوط موتًا سيئًا، وغيرهم يرون أن أسوأ موت هو بالموت بمرضٍ فظيع، كطاعونٍ أو داءٍ معدٍ.
ما هو الموت السيئ في الحقيقة؟
ومع ذلك، يا إخوتي الأحبّاء، أقول لكم: إنّ أياً من هذه ليست ميتةً سيّئة. فمن عاش حياةً صالحة، فموته في ريعان عمره لا يفقد قيمته أمام الله. وكثير من القديسين ماتوا وهم شباب. ولا يُعدّ الموت على يد الجلاد موتًا سيئًا، فجميع الشهداء ماتوا على أيدي الجلادين. ولا الموت المفاجئ سيئًا، إن كان الإنسان مستعدًّا له، فالقديس فرنسيس دي سالس مات بسكتة دماغية، والقديس روك والقديس فرنسيس كسافير ماتا بالطاعون.
الخطيئة هي ما يجعل الموت سيئًا لكن ما يجعل الموت سيئًا هو الخطيئة.
آه، ما أفظع هذه الخطيئة التي تمزّق الإنسان وتلتهمه في تلك اللحظة الرهيبة!
أينما نظر الخاطئ التعيس لا يرى إلا الخطايا والنِّعَم المهدورة.
فإن رفع عينيه إلى السماء، رأى إلهًا غاضبًا، مسلّحًا بعدله، مستعدًا لمعاقبته.
وإن نظر إلى أسفل، رأى الجحيم وشياطينه قد فُتحت أبوابه لاستقباله.
لقد رفض هذا الخاطئ في حياته أن يعترف بعدل الله، وفي لحظة موته لا يراه فقط، بل يشعر بثقله عليه. احتقر الله في حياته، وها هو الله الآن يحتقره ويتركه لليأس.
نداء إلى الخطأة
اسمعوا، أيها الخطأة القساة، أنتم الذين تتلذذون الآن برذائلكم ولا تفكرون في التوبة، ربما لن تفكروا فيها إلا بعد أن يكون الله قد ترككم، كما حدث لمن هم أقل جرمًا منكم.
يقول الروح القدس: «الخطأة في لحظاتهم الأخيرة سيصرّون بأسنانهم، وسينتابهم رعبٌ مروّع عند تذكّر خطاياهم، وستقف آثامهم أمامهم لتدينهم.»
وسيصرخون قائلين: «واهًا لنا! ما نفع كبريائنا ومظاهرنا الفارغة ولذّاتنا الخاطئة؟ لقد انتهى كل شيء. لا فضيلة لدينا، فقد غلبتنا شهواتنا الشريرة.»
مثال: أنطيوخس
هذا ما حدث لأنطيوخس التعيس، الذي سقط من عربته وتهشّم جسده، وأصابه ألمٌ مريع حتى بدأت الديدان تلتهمه وهو حيّ. فقال: «آه، إن الشرور التي فعلتها في أورشليم هي التي تعذبني الآن!»
لكن الله الذي ازدرى به في حياته لم يعُد يسمعه، ومات في يأسه وهبط إلى الجحيم.
الله عادل ورحيم… ولكن لا إلى الأبد
إنه عدلٌ مؤلم لكنه حقّ: من يرفض نعمة الله طوال حياته، لن يجدها عند موته.
وا أسفاه! كم من الناس لا تفتح أعينهم إلا حين لا علاج بعد!
حياة في الخطيئة، وموت في الرفض!
من يعيش في الخطيئة ويرفض التوبة، فليعلم أنه سيهلك في الخطيئة.
يا إخوتي، الله ينتظرنا، لكنه لا ينتظر إلى الأبد.
فمن يحتقر صبر الله اليوم، سيجد غضبه غدًا.
توبوا اليوم، فاليوم رحمة، وغدًا دينونة.
الموت السيئ هو موت الخطيئة، والموت الصالح هو موت التائب في نعمة الله.
فلنصلِّ جميعًا قائلين: «يا رب، اجعل موتنا في سلامٍ معك، وامنحنا أن نسمع صوتك في النهاية يقول: هلمّوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ إنشاء العالم.»
-القديس جان ماري فياني، خوري آرس-
Father Ralph Tanjar – The Faithful Catholic Voice
No Result
View All Result