لماذا ظهر الرب لموسى في العليقة في برية سيناء؟

لماذا ظهر الرب لموسى في العليقة في برية سيناء؟

الرَّبُّ ظَهَرَ لمُوسَى النبيّ “في بَرِيَّةِ سيناءَ” (أع ٧: ٣٠) “بِلهيبِ نارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيقَةٍ” كانت “تَتَوَقَّدُ بالنارِ ولم تَكُن تَحتَرِقْ” (خر ٣: ٢)؛ وهذه كانت علامة منظورة لحضور الله.  لأن تلك النار لم تكن نار مادِّية مخلوقة بل نار اللاهوت الغير المخلوق، لأنها لَمْ تُحرِق العليقة مع أنها كانت في وَسَطِها؛

الله إذا لم يظهر لموسى في هيكلٍ حَجَريٍّ صُنْعٌ أيدي البشر، بل في برية وفي عليقة! فقد كان ذلك لنفهم أن الله لا يمكن أن يكون مَحصور في مكان، وهو الذي “السَّماوات والأرض مَلوءتان من مجده”. (إشعياء ٦: ٣) وهو “الحاضِرُ في كُلِّ مكانٍ والمالِئُ الكُلًّ”. لذلك أيضا ظهر لابراهيم عند بلوطة ممرا؛ وظهر لبولس عند طريق دمشق؛ وظهر للنبي حزقيال عند نهر خابور، وتجلى لبطرس ويوحنا ويعقوب على جبل ثابور…

وعندما ظهر لموسى في برية سيناء قال له: “اخْلَعْ نَعْلَ رِجْلَيْكَ، لأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَنْتَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ أَرْضٌ مُقَدَّسَةٌ. (أع ٧: ٣٣) الأرض المقدسة هي إذا حيث الله حاضر؛ وبما أنه حاضرٌ في كل مكان، فالأرض كلها مقدسة!!! أما البشر فقد نَجَسّوا الأرض بشرورهم لأنهم لا يشعرون بقداستها وذلك لأنهم لا يشعرون بحضور الرب خالِقِها فيها.

فالخالق، وإن كان أسمى ومُتعالٍ بغير قياس عن مخلوقاته، إلاَّ أنه في الوقت نفسه حاضرُ فيها، بتنازل رهيب منه!

كل شيء مقدَّس بحضور الرب فيه؛ علينا أن نتعامل بقداسة مع الهواء والماء والأرض وكل العناصر وكل المخلوقات، لأن كل هذه مقدسة بحضور الله فيها…

لأن هذا هو الإيمان القويم: أن نُؤمن أن الله يرانا أينما كُنَّا، ولا شيء مما نعمله أو نقوله محجوبٌ عَن عينيهِ وأذنيه. القداسة هي ثمرة الحضور في حضرة الله في كل مكان وزمان؛

ليست القداسة أن نشعر  بحضور الله فقط في المبنى المقدس الذي ندعوه كنيسة وبيت الله؛ هذا فَخٌ شيطاني؛ لذلك كثيرون ينتبهون لتصرُّفاتهم ولا يقولون شيئا غير لائق، ولا يصنعون شرًّا في داخل الكنيسة (المبنى) لأنهم يشعرون برهبة وقُدسية المكان؛ لكن، عندما يخرجون من الكنيسة يتصرفون كأنهم خرجوا من “بيت الله” والله لم يعد يستطيع أن يراهم.

هذا إقصاءٌ لله من عالَمِنا وحياتنا لكي نعيش على هوانا ولا نجاهد لحفظ وصاياه الشريفة المقدَّسة. وإن كُنا نُقصي الله من حياتنا كيف يمكننا أن نتوقع أن نكون في ملكوته عندما يأتي ليملك على الأرض كلها؟