
كثيرًا ما نسمع: “الكتاب المقدّس لا يذكر شيئًا عن المطهر” فهل هذا صحيح؟!
عقيدة المطهر
المطهر هو مكان للألم والقصاص، حيث العدالة الإلهيّة تُطهّر الأنفس لتصبح مُستعدّةً لدخول الملكوت. إنّه مكان وسطيّ بين السّماء حيث الفرح الأبديّ، والجحيم حيث الألم الأبديّ، وهو قريبٌ من الجحيم بآلامه المبرّحة، وقريبٌ من السّماء بتقديس الأنفس المتألمّة.
البروتستانت يعتبرونه بدعةً بشرية، والأورثوذكس ضلالةً كاثوليكيّة، أما للكاثوليك فهو عقيدةٌ إيمانيّة (أقرّها المجمع التريدنتيني 1563، وعلّمها كلٌّ من المجامع: ليون الثاني 1274، فلورنسا 1439، الفاتيكاني الثاني 1964). ومن يُنكر أيّ عقيدة كنسيّة يقعُ في حال الحُرم الكنسيّ!
فإذَا لماذا يُصلّون للأموات ويقيمون الجنّازات ومراسم الأربعين والسّنة أولئك الذين لا يؤمنون بالمطهر، إن كانت النفوس التي في السماء ليست بحاجةٍ إلى صلاتهم، ولا النفوس التي هلكت في جهنّم للأبد التي لا تستفيد من صلاتهم!؟
نصّ العقيدة
-مجمع ليون الثاني: “إن مات المؤمنون التائبون حقًّا في المحبة، قبل أن يكفرِّوا بثمارٍ لائقة بالتوبة، عمّا ارتكبوه أو أهملوه، فستُطَهَّر نفوسُهم بعد الموت بعقوباتٍ مُطهِّرة. هذا وإنّ تشفاعات المؤمنين الأحياء ستفيدهم للتّخفيف عن هذه العقوبات، وهي ذبيحة القدّاس والصّلوات والصّدقات وسائر أعمال التّقوى التي اعتاد المؤمنين أن يقوموا بها من أجل سائر المؤمنين، بحسب ما أنشأته الكنيسة…”.
-المجمع التريدنتيني: “إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة، وبوحيٍ من الروح القدس، وانطلاقًا من الكتاب المقدس، وتقليد الآباء القديم علّمت في المجامع المقدسة، وأخيراً في هذا المجمع المسكوني بأنّه يوجد مطهر (…) كما يطلُب المجمع من الأساقفة أن يبذلوا قُصارى جَهدهم، لجعل عقيدة المطهر السّليمة التي نقلها الآباء القدّيسون والمجامع المقدّسة، موضوع إيمان المؤمنين يحفظونها وتكون منتشرةً ومعلنةً في كلّ مكان.”
1- الكتاب المقدس:
أ. العهد القديم
سفر المكابيين الثاني( 12: 42- 46) : ثُمَّ أخذوا يُصَلُّونَ وَيَبْتَهِلُونَ أَنْ تُمْحَى تِلْكَ الْخَطِيئَةُ الْمُجْتَرَمَةُ كُلَّ الْمَحْوِ… ثُمَّ جَمَعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ تَقْدِمَةً، فَبَلَغَ الْمَجْمُوعُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ مِنَ الْفِضَّةِ، فَأَرْسَلَهَا إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدَّمَ بِهَا ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطِيئَةِ. وَكَانَ ذلِكَ مِنْ أَحْسَنِ الصَّنِيعِ وَأَتْقَاهُ لاِعْتِقَادِهِ قِيَامَةَ الْمَوْتَى، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَرَجِّيًا قِيَامَةَ الَّذِينَ سَقَطُوا؛ لَكَانَتْ صَلاَتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَوْتَى بَاطِلًا وَعَبَثًا. وَلاِعْتِبَارِهِ أَنَّ الَّذِينَ رَقَدُوا بِالتَّقْوَى قَدِ ادُّخِرَ لَهُمْ ثَوَابٌ جَمِيلٌ، وَهُوَ رَأْيٌ مُقَدَّسٌ تُقَوِيٌّ. وَلِهذَا قَدَّمَ الْكَفَّارَةَ عَنِ الْمَوْتَى لِيُحَلُّوا مِنَ الْخَطِيئَةِ.”
يوضح النّص أنّ الصلاة والحَسنة (التّقدمة) هما من أجل غفران خطايا الّذين ماتوا بخطاياهم العرضيّة لا المميتة، ولكن كيف تغفر الخطايا بعد الموت؟
ب. العهد الجديد
1- يقول الرب يسوع:”كلّ من قال كلمةً على الروح، لا يُغفر له، لا في هذا الدّهر ولا في الآتي”. (متى 32:12)
يعني أنّه توجد خطايا تغفر في هذه الدنيا، وخطايا تغفر في الحياة الأخرى. فكيف تغفر الخطايا بعد الموت، وفي أيّ مكانٍ ان لم يكن يوجد مطهر؟
2- “سارِعْ إلى إرضاء خصمكَ ما دُمتَ معه في الطريق، لئلّا يسلّمكَ الخصمُ إلى الشرطيّ، فتُلقى في السّجن. الحقّ أقول لك: لن تخرج منّه حتى تؤدّي آخر فلسٍ “. (متى 25:5-26)
أُطلب التوبة قبل الموت والوقوف أمام الدّيان، لأنّه متى مات الإنسان وعليه دينٌ، فإنّه يُلقى في السّجن (المطهر)، ولن يخرج منه حتّى يوفي كلّ ما عليه: أي يتطهّر تمامًا من خطاياه. ذلك لأنّه: “وَلَنْ يَدْخُلَ السّماءَ شَيْءٌ دَنِسٌ، وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا” (رؤ 21: 27)
السّجن هو المطهر وليس جهنّم لأنّ من يدخل جهنّم لا يخرج، فهي مصيرٌ أبديٌّ. أمّا هنا فيشير إلى الخروج، وبالطبع ليس السّماء لأنّها ليست سجنًا بل هي فرحًا أبديًّا.
“3- فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا لأَنَّ يومَ الرّبِّ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ.إِنْ بَقِيَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلكِنْ كَمَا بِنَارٍ.”. (كور 3: 13- 15)
– الأساس هنا هو السيّد المسيح وكلّ من يبني عمله عليه ينال أجره أي أنّه سيخلص. ولكن من خسر عمله إنّما يخلص ولكن من خلال النار، أي لا بدّ أن يجتاز النّار. وهذا هو الجهد الّذي من خلاله يخلص الإنسان.
هذا وهناك العديد من الرؤى لقدّيسين ومتصوّفين في الكنيسة عن المطهر، أهمّهم القدّيسة فيرونيكا جولياني.
لنصلّ كلّ يوم مسبحة الموتى المؤمنين
(باستخدام السُبحة العاديّة)
على الحبّة الكبيرة: “الراحة الدائمة أعطهم يا رب، ونورك الأزليّ فليُضئ لهم- فلتسترح نفوس الموتى المؤمنين برحمة الله والسلام، آمين.”
على الحبّات الصّغيرات: “يا يسوع الرحوم، إرحمْهُم.”
صفحة قلب مريم المتألم الطاهر
No Result
View All Result