
الوسائط الروحية للوقاية من أذى العين الشريرة
من أجل تجنّب أذى “العين الحاسدة” أو العين الشريرة، هناك كثيرون من المسيحيين البسطاء، بداعي تأثّرهم بالخرافات أو بالمحيط الغير مسيحي الذي يعيشون فيه، يقومون بتعليق بعض الأشياء التي يعتقدون أنها تحميهم من الحسد والعين الشريرة مثل: العين أو الخرزة الزرقاء، الكفّ، حذوة الحصان، حذاء، رأس ثوم وغير ذلك… ومع الأسف تقوم بعض الأُمهات والجدّات بتعليق “خرزة زرقاء” في ثياب الأطفال الرُضّع أو في وساداتهم ظنّاً منهنّ أنه بهذه الوسيلة لا تصيبهم العين الشريرة. ولكن هذه الأشياء كلّها هي إختراعات الشيطان نفسه وتُفضي إلى نتيجة معاكسة، لأنها لا تمنع الشرّ عن أحد أبداً، وإنما تأتي بمن يتسبّب به أي بالشياطين.
من أجل مواجهة “العين الشريرة” والأذى النفسي والجسدي الذي يتأتّى من فعل شيطاني، توجد عدَّة وسائط روحية يجب علينا كمؤمنين أن نتّخذها للوقاية من ضرر العين الحاسدة، وهي تشكّل بالنسبة للكنيسة الأسلحة الفتّاكة التي تقوّض عمل الشيطان وتُبيد قوّته.
✝️ أولى هذه الوسائل هي التوبة والإعتراف والمناولة. فالشيطان يخاف كثيراً من التوبة والإعتراف النقي بخطايانا، الذي يحصل بقلب متواضع ومنسحق، وبواسطته “نقطع” حقوق الشيطان ونستعيد شركتنا مع المسيح. ويرتعد عدوّ الخير من المسيحي الذي يتناول بتواتر وعن إستحقاق جسد الرب ودمه المقدّسين، لأن إتّحادنا بالمسيح في الافخارستيا هو الحصن الحصين لنفوسنا، ونارٌ تُلهب الأرواح الشريرة فلا تقوى أفعالها علينا. فينبغي على الدوام أن نهرع إلى بطرشيل الأب الروحي مقرِّين بتوبة بخطايانا وطالبين رحمة الرب وغفرانه، ونتقدّم بتوبة إلى الأسرار الإلهية المقدسة، لأنَّ سِريّ الإعتراف والقربان المقدس، يمتلكان قوّة إلهية على شفاء الجروح الروحية والنفسية والجسدية التي قد يُسببها المكر الشيطاني.
✝️ سلاحٌ آخر لا يُحارَب هو الصليب الكريم، الذي يرتعد الشيطان أمامه جداً، وليس ذلك بشكل إعتباطي وسطحي، وإنما حين يستعمله المؤمنون الذين يشاركون بوعي وإيمان في حياة الكنيسة الأسراريّة. ينصح القديس نيقوديموس الآثوسي قائلاً: “في سبيل أن تُحفَظوا من السِّحر والأعمال الشيطانية فلتمتلكوا جميعاً، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساء، الصليب الكريم مُعلّقاً في رقابكم. ترتعد الشياطين لمرآى شكل الصليب وتفرُّ بعيداً حين تراه”. لذا علينا أن نحرص أن نرسم الصليب بانتباه وتقوى على ذواتنا، وفي بدء كل أعمالنا ونهايتها، وأن نعلّقه أيضاً في صدور أطفالنا وفي غرف نومهم أو على وساداتهم، وأن نجعله على مدخل البيت، وفي السيارة وفي مكان العمل…إلخ بهذا تبطل قوة العين الشريرة أو الحاسدة ويتلاشى تأثيرها.
✝️ الماء المقدس هو أيضاً شافٍ للنفوس والأجساد وحافظٌ من كل فعلٍ مضادّ لأنه يُقدَّس باستدعاء الروح القدس، برسم إشارة الصليب المقدس عليه بيد الكاهن وتغطيس الصليب الكريم فيه. فيتوجب على المؤمنين قبل أن يسكنوا في بيت جديد، أن يستدعوا كاهن الرعية ليقيم في البيت “خدمة تقديس الماء” ويشتركوا معه في الصلاة، ثم ينضح الكاهن البيت كلّه بالماء المقدس، ويستقوا منه. كذلك عند شراء سيارة جديدة أو إفتتاح محلّ تجاري جديد…إلخ. هذا يستمطر بركة الرب على البيت والساكنين فيه، ويمنحهم قوة ونعمة وحماية من أذى الأرواح الشريرة والعين الحاسدة.
✝️ لقد أدرجت الكنيسة أيضاً في كتاب “الأفخولوجي الكبير” صلاة خاصّة (إفشين) من أجل دفع ضرر “العين الحاسدة”، يقوم الكهنة بتلاوته على الذين أصابتهم عين شريرة. فإذا حصل وسمح الله أن يقع أحدهم تحت أذى روحٍ شيطاني بتأثير العين الحاسدة، فينبغي عليه أن يلجأ إلى الكنيسة كي يقرأ عليه الكاهن هذا “الإفشين” (أنظر الافخولوجي الكبير، تعريب الأسقف روفائيل هووايني ص 355).
لا تمتلك هذه الصلاة فعل “السِّحر”، فلا يكفي مجرّد تلاوتها ليُبطِل قوة وتأثير العين الحاسدة، لأنه إن لم نلتزم حياة روحية مستقيمة قوامها التوبة والصلاة والصوم ومناولة القربان المقدس، والمواظبة على مطالعة الكلمة الإلهية، فعبثاً نظنّ أن صلوات الكهنة وحدها أو الماء المقدس أو تعليق الصليب بصورة شكليّة كافٍ لإنقاذنا من أذى الشيطان وضرر العين الحاسدة، ونكون قد أخطأنا وضللنا الطريق.
(الأب رومانوس الكريتي)
No Result
View All Result