
تأمّل في حَبّة الخردل
يا ربّ… كيف يصبح الملكوت فينا؟
تُجيبنا بكلمة صغيرة… بصورةٍ بسيطة… بحَبّة خردل.
حَبّةٌ لا تُرى بسهولة، تُشبه البداية الخجولة للإيمان، تلك الومضة التي توضع في القلب ثم تُترك لتنمو.
لا تأتي فجأةً كجبلٍ ينهض، بل كسرٍّ صغير، مودَع في الأعماق، يعمل بصمتٍ لا يُرى.
يا ربّ… كم نشتهي الأشياء الكبيرة، وتنسى قلوبنا أن كل عظمة تبدأ من نقطة صغيرة…
أن كل شجرة وارفة كانت يوماً مجرّد بذرة لا يلتفت إليها أحد.
هكذا ملكوتك فينا:
نقطة محبة… لمسة نعمة… قرار توبة… كلمة رجاء…
ثم تنمو، وتكبر، وتصبح شجرة تستريح في ظلّها نفوس كثيرة.
علّمنا يا ربّ أن لا نحتقر البدايات الصغيرة،
وأن نؤمن بأن الحبة التي تزرعها في قلبنا اليوم
قد تصير غداً مسكناً لحياة جديدة، وظلّاً لآخرين يجهلون من أين تأتي الراحة.
يا من يجعل من الصِغَر طريقاً إلى المجد…
ازرع فينا حَبّة خردلك، واسمح لها أن تنمو كما تشاء محبتك.
يا ربّ، أحياناً نشعر أنّ قلوبنا صغيرة وضعيفة،
لكنّك تبتسم وتقول لنا: «يكفيني أن تكون فيك حَبّة إيمان… ولو كحَبّة خردل».
كم يريحنا هذا الكلام…
أنك لا تطلب جبالاً من القوّة، ولا أنهاراً من البطولة، إنما تطلب بذرة… فقط بذرة. ومعك تتحوّل البذرة إلى حياة، والخجل إلى ثبات، والضعف إلى ظلٍّ يُنعش الآخرين.
يا ربّ… ضع فينا تلك الحبة من جديد، ودعها تنمو في صمت، حتى يصير القلب أرضاً لملكوتك.
منقول
No Result
View All Result