
تبدأ الحكاية في دمشق، حيث وُلِد يوحنا الدمشقي
تبدأ الحكاية في دمشق، حيث وُلِد يوحنا لعائلة مسيحية عربية ذات نفوذ. وقد ورث منصب المسؤول الاقتصادي عن الخلافة، وبدا أن حياته مُقدَّرة للبلاط والسلطة. إلا أن دراسته للفلسفة واللاهوت على يد الراهب قزما في القسطنطينية كان لها أثرٌ حاسم: ففي حوالي عام ٧٠٠ للميلاد، آثر يوحنا الزهد والنسك الرهباني، تاركاً خلفه ترف الحياة السياسية ومسؤولياتها.
بعد أن جَرَّد نفسه من كل متاعه، ووزَّع ثروته على الفقراء، وأعتق خدّامه، انطلق يوحنا في رحلة حجٍّ سيراً على الأقدام في جميع أنحاء فلسطين، ثم التحق بدير مار سابا، الواقع بين القدس وبيت لحم. هناك أصبح راهباً، ثم تبوأ لاحقاً منصب الواعظ الرئيسي في كنيسة القيامة في القدس، حيث قضى كلَّ حياته، يُغذّي إيمانه وإيمان الكنيسة بالصلاة والتأمل العميق.
في الصراع الشهير ضد تحطيم الأيقونات، ترك يوحنا بصمته الأعمق. فبينما كان الإمبراطور البيزنطي لاون الإيساوري يشنُّ حرباً بلا هوادة على تكريم الصور المقدسة، نهض يوحنا – بتكليف من البابا غريغوريوس الثالث – ليصبح المدافع الشرس عن الأيقونات.
لم تكن “أداته” السيف، بل اللاهوت؛ وكانت حجته المركزية هي التجسُّد الإلهي. فإذا كان الله قد صار إنساناً واتخذ جسداً، فتحوَّل من غير منظور إلى منظور، فإن تمثيل هذه الرؤية يصبح أمراً مشروعاً. وكان يوحنا أول من فرَّق بوضوح بين: العبادة: وهي مخصصة لله وحده. والإكرام: وهو استخدام الصورة للتوجّه إلى الممثَّل فيها. كانت نظرياته أساسية، وقد انتصرت في المجمع المسكوني الثاني في نيقية عام ٧٨٧ م.
نظراً لثقافته اللاهوتية العميقة، لُقِّب يلقب توما الأكويني الشرقي، وفي عام ١٨٩٠ أعلنه البابا لاون الثالث عشر “ملفانًا للكنيسة”. يُعدّ كتابه الرئيسي، “الينابيع المعرفية (De Fide Orthodoxa)”، خلاصة عبقرية للفكر الآبائي اليوناني وقرارات المجامع الكنسية، ولا يزال مرجعاً أساسياً في اللاهوت الكاثوليكي والأرثوذكسي على حد سواء.
وفقاً للتقليد، أنقذت العذراء مريم يوحنا بمعجزة. فعندما اتُّهم بالخيانة وقُطعت يده اليمنى، صلّى بإلحاح أمام أيقونة العذراء، التي أعادت يده إليه بأعجوبة. وشكراً لمريم، قام يوحنا بصنع يد من الفضة وأضافها إلى الأيقونة، مما أدى إلى نشوء التبجيل الشرقي الشهير للعذراء تريخيروسا (صاحبة الأيادي الثلاثة).
Vatican news
No Result
View All Result