عيد الصليب في معلولا الآراميّة… شعلة إيمان لا تنطفئ
عشيّة عيد رفع الصليب المقدّس، تغصّ بلدة معلولا السورية بالمؤمنين المسيحيّين القادمين من مختلف أرجاء البلاد وجوارها. ويكتسي العيد في البلدة الآرامية، التي تحتضن عددًا كبيرًا من الأديار والكنائس، طابعًا إيمانيًّا عميقًا.
يُنبئ مشهد النيران المشتعلة على قمم الجبال المحيطة بالبلدة والصلبان المُضاءة على وقع أجراس الكنائس، بانطلاق مراسم الاحتفال. وتبدأ التحضيرات لعيد الصليب في معلولا منذ مطلع سبتمبر/أيلول مع شباب البلدة المعروفين باسم «شباب الصليب». كما يشارك الأطفال في سنّ العاشرة وما فوق كنوع من الحفاظ على التقليدَين الكنسي والشعبي.
يرتبط عيد الصليب بالبلدة السورية منذ أكثر من 16 قرنًا (منذ القرن الرابع الميلادي). وتتحدّث مرويّات كثيرة عن مرور القديسة هيلانة من معلولا في رحلة عودتها من القدس، وتوصيتها ببناء كنيسة التوبة هناك.
ارتفاع عود الصليب
يحرص أهل معلولا على إحياء عيد الصليب بتطواف يلفّ البلدة القديمة، ومن ثم الصعود نحو قمم الجبال. ويأتي ذلك بعد أخذ البركة والصلاة من الآباء الكهنة على إيقاع ما يردّده الأهالي باللغتَين العربية والآرامية من أشعار تمجّد الصليب وتمدح القديسة هيلانة وابنها قسطنطين.
يتولّى أهالي معلولا -القاطنون فيها والآتون من خارجها- جميع تفاصيل التحضيرات. وتبلغ ذروتها يوم 12 سبتمبر/أيلول حيث يبدأون بنصب الصلبان والاستعداد لإضاءتها على القمتَين الغربية والشرقية للبلدة؛ فضلًا عن جمع القطع الخشبية اللازمة لإيقاد شعلة الصليب ليلة 13 سبتمبر/أيلول. ويترافق ذلك مع حناجرهم الصادحة بتسبيح الثالوث الأقدس والقدّيسين شفعاء البلدة.
التقليد:
إنّ تقليد عشية عيد الصليب في معلولا (13 أيلول/سبتمبر)، يبدأ باحتشاد الأهالي والحجاج في كنيستَي القديس جاورجيوس للروم الكاثوليك ومار إلياس للروم الأرثوذكس للصلاة، قبل أن يلتقي الجميع في ساحة البلدة لينطلقوا في مسيرة شعبية نحو الجبال لإشعال النار. ثم تُرمى الشُّعَل من القمم لتتدحرج على المنحدرات، في مشهد يضيء الجبال ويأسر الأبصار.
«هذا الطقس يعود إلى تقليد قديم يروي أنّ القديسة هيلانة عندما عثرت على عود الصليب طلبت مع ابنها الإمبراطور قسطنطين أن تُشعَل النار وتُنقَل من جبل إلى جبل لإعلام الناس بهذا الاكتشاف. وتُجسَّد هذه القصة في الأهازيج التي يردّدها الناس ومنها: “هيلانة قولي للناس معلولا هي الأساس، ومهما نلفّ ومهما ندور معلولا عيدك مقياس”؛ “لهيلانة قولولها النار بعهدة معلولا، علم ابنك عالشحار وعالصخرة وتشغيل النار، فادينا بـ3 أيام كسر رأس الموت وقام”».
تجدر الإشارة إلى أنّ النار والصلبان المضيئة لم تفارق جبال معلولا ومنازلها سوى بضع سنوات نتبجة الأوضاع الأمنية.
آسي مينا


















