
ما الذي يلزم لكي لا نفترق عن أقاربنا وأصدقائنا حتى بعد الموت؟
كان أحد الشيوخ القديسين يصلّي دائمًا إلى الله لكي يدخل تلاميذه بعد الموت معه الفردوس. وكان يقول:
«يا رب، وإن كنت خاطئًا، فأني أرجو برحمتك أن أنال الخلاص. فلا تفصلني في الحياة الأخرى عن تلاميذي، بل أهلهم أن يكونوا معي أيضًا في ملكوتك!»
وقد أجاب الرب على هذه الصلاة للشيخ بطريقة عجيبة. ففي دير قريب كان هناك عيد، ودُعي الشيخ مع تلاميذه إليه. لم يُرِد الشيخ أن يذهب، ولكن أُعلن له في حلم أن يذهب حتمًا، ولكن بعد تلاميذه.
فلما جاء الوقت، مضى التلاميذ أولًا إلى العيد. وفي الطريق وجدوا فقيرًا مطروحًا على الأرض، مملوءًا جراحًا. فسألوه:
«ما الذي أصابك؟»
فأجاب: «كنت مريضًا من قبل، ثم هاجمني وحش وجرحني، وها أنا الآن ملقى هنا، ليس لي من يرحمني ويحملني إلى مأوى».
فقالوا: «نحن نشفق عليك، لكن لا نستطيع مساعدتك. نحن ماشون على الأقدام، وليس معنا حمار، وحملك صعب علينا». وقالوا ذلك ومضوا.
وبعد قليل التقى الشيخ نفسه، رئيسهم الروحي، بذلك الفقير. ولما علم سبب بلائه، سأله:
«ألم يلتق بك قبل قليل بعض الرهبان؟»
فقال الفقير: «بلى، التقوا بي، لكنهم لم يساعدوني، قالوا: نحن ماشون، ولا نستطيع أن نحملك».
فقال الشيخ: «أفلا تقدر أن تمشي معي ولو قليلًا؟»
فقال: «لا، لا أقدر».
فقال الشيخ: «إذًا لا حيلة إلا أن أحملك أنا، وبعون الله ربما أقدر أن أوصلك».
فأجاب الفقير: «وكيف ستحملني وحدك؟ الطريق بعيد، وأنت واحد. الأفضل أن ترسل أحدًا من أجلي».
فأجاب الشيخ بحزم: «لا، لن أتركك، بل سأحملك أنا».
وحمله على كتفيه، وفي البداية وجد الأمر شاقًا جدًا، لكنه صار بعد ذلك أخف فأخف، وأخيرًا غاب المحمول عن عينيه كليًا. فتعجب الشيخ، ثم سمع صوتًا يقول له:
«إنك تداوم أن تصلّي من أجل تلاميذك لكي ينالوا معك الحياة الأبدية. لكن سلوكك وسلوكهم ليس واحدًا. فألزمهم أن يدخلوا في عملك، فأنا الديّان العادل وأجازي كل واحد بحسب أعماله».
بعد هذا، أيها الإخوة، صار واضحًا ما ينبغي لكي لا نفترق عن أقاربنا وأصدقائنا حتى بعد الموت: إن كانوا يعيشون حياة تقية، فادخلوا أنتم في عملهم واقتدوا بهم؛ وإن كنتم أنتم الأتقياء، فليدخلوا هم في عملكم ويقتدوا بكم. وإلا فالانفصال لا مفر منه. آمين.
No Result
View All Result