كنيسة بيت حنانيا
كنيسة القديس حنانيا في سوريا بمدينة دمشق في حي باب توما تعتبر الأقدم في دمشق بعد الكنيسة المريمية ومن أقدم الكنائس في العالم تعود للحقبة الرومانية، وتقع في حي حنانيا أحد الأحياء المسيحية التاريخية العريقة في حي باب توما العريق أحد أحياء دمشق القديمة، وتقع الكنيسة القديمة تحت الأرض ينزل إليها بدرج يفضي إلى تحفة تاريخية تعود إلى أكثر من 2000 عام.
بيت حنانيا هي كنيسة قديمة تحت الأرض في حي باب توما بدمشق، وتُعد من أقدم كنائس العالم، حيث تعود إلى القرن الأول الميلادي. بُنيت في بيت حنانيا الدمشقي الذي عَمّدَ فيه بولس الرسول. تُعرف أيضًا بـ “الكنيسة المصلبة”، وتتميز بهندستها المعمارية الفريدة ومكانتها كأول مكان يزهر فيه المسيح خارج القدس.
الأهمية التاريخية والدينية:
-
موقع تعميد بولس الرسول:
يعتقد أن القديس حنانيا، وهو أحد تلاميذ المسيح، قد تعمد في هذا البيت، وفي نفس المكان يُعتقد أن بولس الرسول عمّد بولس الرسول أيضًا.
-
بداية انتشار المسيحية:
يُنظر إليها كرمز لبداية انتشار المسيحية في دمشق والعالم، حيث تعود جذورها إلى الحقبة الرومانية.
-
أقدم الكنائس:
تُعد من أقدم كنائس العالم، وهي ثاني أقدم كنيسة في دمشق بعد الكنيسة المريمية.
الموقع والهندسة المعمارية:
-
الموقع: تقع في حي باب توما التاريخي بمدينة دمشق.
-
المبنى: تقع الكنيسة تحت مستوى سطح الأرض، ويتم الوصول إليها عبر درج حجري.
-
القِدم: تحافظ الكنيسة على معالمها الأثرية القديمة، وتعكس الطريقة التي كان يجمع بها المسيحيون الأوائل عبادتهم سرًا خوفًا من الاضطهاد.
لمحة عن الكنيسة
كثيرة هي القصص التي وَجدت بداياتِها في دمشق، وامتدّ أثرها ليشمل العالم كله. إحداها وقعت في بيت حنانيا، تلميذ السيد المسيح، الذي عمّد واحداً من أكبر مضطهدي المسيحيين الأوائل. إنه شاؤول (2- 64 م)، الذي سُمي بعد رؤياه الشهيرة ( بولس الرسول )، وقام بإيصال رسالة الدين الجديد إلى روما، قبل أن يفقد حياته هناك في سبيل ذلك.
الوصول إلى بيت حنانيا في قلب دمشق التاريخي، يقود الباحث عنه إلى أماكن وطرق متعددة، تعبق بتاريخ المدينة وأخبارها. فأحداث الرواية، وفق سفر أعمال الرسل في الإنجيل، تبدأ في تلّ كوكب (حوالي 15 كم جنوب دمشق) الواقع على الطريق التاريخية بين مدينة دمشق وفلسطين. في هذه البقعة وقعت حادثة الرؤيا لشاؤول، الذي جاء إلى دمشق بنية القبض على المزيد من المسيحيين وزجّهم في السجون بأمر من رئيس الكهنة، قبل أن يفقد بصره ويبحث عن الخلاص في بيت حنانيا الذي عُمِّدَ فيه. وفق الرواية ذاتها، وصل شاؤول إلى البيت بعد عبوره الباب الشرقي، أو باب الشمس كما كان يطلق عليه في العهد الهيليني والروماني. يَدلفُ الباحث عن بيت حنانيا إلى حارة حنانيا التاريخية، حيث تكاد جدران البيوت الدمشقية تتلاصق، ليجد ضالته في نهايتها.
يُعدّ بيت حنانيا أو الكنيسة المصلبة إحدى أقدم كنائس العالم وثاني أقدم كنائس دمشق، والتي بنيت، بحسب ما ذكر حبيب الزيات في كتابه الخزانة الشرقية، في مكان معبد وثنيّ قديم وجُدّد بناؤها في زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. يتألف مدخل الكنيسة الخارجي من باحة صغيرة ينتصب على جانبيها تمثالان، أحدهما يمثل حادثة تعميد حنانيا لشاؤول، ويجسد الآخر حنانيا واقفاً بيدين مشرعتين إلى السماء.
في الزاوية الشمالية الشرقية باب ضيق، بعد دخوله يجد الزائر سُلّماً ذا درجات حجرية صغيرة، يضطر المرء عند نزولها لخفض قامته، لتنقله هذه الدرجات خمسة أمتار في عمق المكان، وتعود به إلى ألفي عام من عمر الزمان. هناك تحت الأرض، تتألف الكنيسة التي هي ـ في الأصل ـ كهف طبيعي من قاعتين، الأولى متطاولة شمالاً وجنوباً، وهي الكبرى ممثلة الكنيسة. والأخرى صغيرة تقع في الزاوية الشمالية الغربية من القاعة الكبرى. أما الأرضية، فهي مبلطة بالبلاط المجزع الكبير بفواصل سوداء.
في صدر الكنيسة الحجرية ذات النور الخافت، يجد المرء ثلاث لوحات تروي أولاها حادثة أخذ بصر شاؤول، أما الثانية فتصور حنانيا واضعاً يده على شاؤول ليعيد له البصر، في حين تقصّ الثالثة واقعة نزول بولس في سلة من على سور دمشق هرباً من الموت بعد الوشاية به. تصطف على جانبي الحجرة مقاعد خشبية بشكل متوازٍ. تثير أجواء القاعة ولوحاتها فضول الزائر وتحرك في نفسه أسئلة عن تفاصيل قصة بولس وأسفاره، ما تلبث هذه الأسئلة أن تجد الجواب عنها في اللوحات المعلقة على جدران حجرة جانبية.
تروي هذه اللوحات قصة بولس الدينية، ورحلاته الأربعة بين عامي 46 و 62 م، التي أخذته إلى القدس وأنطاكية، بالإضافة إلى قبرص وبلاد اليونان وكريت، ليصل بعدها إلى روما حيث ينهي مسيرته التبشيرية على يد سياف نيرون. ويفترض ـ بحسب الباحث حبيب سلوم ـ أن تكون الكنيسة الحالية هي قبو بيت حنانيا، إلا أنه من المرجح أيضاً أن تكون بنيت على مستوى الشارع الروماني.
لِمَن أثارت قصة بولس فضوله، يمكنه أن يتتبع قصته بزيارة كنيسة الرؤيا في تل كوكب، أو أن يزور كنيسة القديس بولس في باب كيسان، حيث يعتقد أن بولس أُنزل من نافذة قريبة منه حين غادر دمشق. وله أيضاً أن يزور كنيسة حنانيا الموجودة في حارة القرشي في محلة الميدان في دمشق، حيث يعتقد بوجود زيت عجيب يُقطر من إحدى زوايا المكان، الذي يقال : إنه قبر حنانيا.
قصة القديس حنانيا
عند دير الرؤية أصاب العمى القديس بولس الرسول فاقتادوه رفاقه بيده وأدخلوه دمشق.
كان في دمشق تلميذ أسمه حنانيّا. قال له الربّ في رؤيا: يا حنانيّا ؟ قال: لبيك , يا رب. فقال له الربّ: قم فاذهب الى الزقاق المعروف بالزقاق المستقيم , واسأل في بيت يهوذا عن رجل من طرسوس اسمه شاؤول.فها انه يصلي,وقد رأى في رؤياه رجلا اسمه حنانيّا يدخل ويضع يديه عليه ليبصر.فأجاب حنانيّا: يارب سمعت بهذاالرجل من أناس كثيرين كم أساء الى قديّسيك في أورشليم. وعنده هنا تفويض من قبل الاحبار ليوثق كلّ من يدعو باسمك . فقال له الربّ : إذهب فهذا الرجل هو إناء مختارلكي يحمل اسمي أمام غيراليهود والملوك وبني إسرائيل فإنّي سأريه كم يجب عليه أن يعاني من الألم في سبيل اسمي.
ومضى حنانيّا فدخل البيت ووضع يديه عليه وقال: يا أخي شاؤول,إن الربّ يسوع الذي تراءى لك في الطريق التي قَدِمت منها,أرسلني لتبصر وتمتلىء من الروح القدس.فتساقط عندئذ من عينيه مثل القشور,فأبصر.فقال له حنانيّا:إنّ إله آبائنا قد أعدّك لنفسه لتعرف مشيئته وترى البّار وتسمع صوته من فمه.فإنكّ ستكون شاهدا له أمام جميع الناس بما سمعت و رأيت.فما لك,تتردّد بعد ذلك؟ قم فاعتمد و تطهّر من خطاياك داعيا باسمه. فقام واعتمد.ثمّ تناول طعاما,فاستعاد قواه.
القديس حنانيّا:هو إحدى الشخصيات الواردة في الكتاب المقدس.ففي أعمال الرسل(9:1-26و22:4-16) يُذكر حنانيّا كشخص دمشقي من أصل يهودي.ولما عمّد شاؤول الطرسوسي كان قد سبق وتنصّر وكان يتمتع بشهرة وتقدير عظيمين في كنيسة دمشق الفتيّة- وله كشف السيد المسيح المهمة التي عينها اللّه لرسول الأمم.فأعظم شهرة للقديس حنانيّا انه قبل في الكنيسة الناشئة شاؤول الذي كان يضطهد الكنيسة وعلّمه مبادىء الدين المسيحي.
ويؤكد لنا التقليد الشرقي أن حنانيّا كان أحد تلاميذ المسيح الأثنين والسبعين الذي يكلمنا عنهم القديس لوقا(10:1) وانه قدم الى دمشق بعد رجم القديس استيفانوس-ثم رسمه الرسل أسقفاً لكنيسة دمشق.
كان حنانيّا يبشر بالايمان المسيحي البلاد السورية لما قبض عليه الحاكم الروماني ليسينيوس وحكم عليه بالموت. ومات حنانيّا مرجوما بالحجارة خارج سور دمشق في اليوم الأول من شهر تشرين الأول.ونقل المسيحيون جثمانه إلى داخل المدينة.
تاريخ الكنيسة
بخصوص بيت القديس حنانيّا فانه معترف به عند الجميع منذ القدم انه في مدينة دمشق القديمة داخل السور.ومنذ القدم تحول هذا البيت إلى كنيسة الصليب.إننا نجهل تاريخ هذا التحول ولكنه أكيد قبل السيطرة الاسلامية(636).
وفي المجلة العلمية (سوريا العدد الخامس1924), ورد أن الكونت اوستاش دي لوريه مدير البعثة الاثرية في سورية قد قام بحفريات سنة1921 في مدينة دمشق في منطقة كانت تعرف باسم حنانيّا بالقرب من الباب الشرقي.كانت هناك كنيسة باسم كنيسة الصليب المقدس أو بالأحرى المصلبة إحدى الكنائس التي سمح الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك للمسيحيين باستعمالها بدلاً من الجامع الكبير.إن السيد دي لوريه اكتشف موضوع الهيكل-وحفرياته أظهرت أن الكنيسة كانت سابقاً هيكلاً وثنياً كما تشهد على ذلك كتابة باليونانية وجدت بالحفريات تقول:إلى إله دمشق السماوي-وهيكل حيث يرى ثور محدوب تحت بلوطة. وفي نفس المجلة(العدد السادس1925) يحدد أن هذا الهيكل الوثني يعود للقرن الثاني أو الثالث بعد المسيح.
إن اكتشاف هيكل وثني في مكان عبادة للمسيحيين ليس بأمر غريب. فالتاريخ يخبرنا أن الامبراطور ادريانوس(117-138) بنى هياكل وثنية على جبل الجلجلة وفوق مغارة بيت لحم خصوصاً لإبعاد المسيحيين عن هذه الأماكن المقدسة. فوجود هيكل وثني في هذا المكان المقدس ليس إلا إثباتاً لوجود مقام مسيحي قديم. وتثبت أيضاً أنها كنيسة بيزنطية تحولت إلى جامع . فتحول أماكن العبادة في الشرق من مذهب إلى آخر في نفس المكان ما هو إلا برهان وإثبات قوي على أن ذلك المكان هو حقيقة مكان عبادة.
وبعد بضعة قرون يتحدث أحد الكتّاب العرب أبن عساكر(1105-1176) عن كنيسة في دمشق باسم الكنيسة المصلبة أي كنيسة الصليب. ويقول أن هذه الكنيسة هي قرب السور بين باب توما والباب الشرقي وأنها هدمت نحو سنة700.وعن بيت القديس حنانيّا يتكلم أيضاً الراهب الفرنسيسكاني بوجيبونسي سنة1347 قائلاً:أنه على أيامه كان قد تحول إلى جامع.
وبعد بضعة سنوات اي السنة 1363 يقول الكاتب العربي ابن شاكر ان الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك(702-712) أعطى المسيحيين خربة كنيسة الصليب بدلاً عن كنيسة القديس يوحنا المعمدان التي حولها الى جامع – الجامع الاموي الحالي – و الاب بونيفاس دي راكوسا حارس الارض المقدسة زار هذا المكان في القرن السادس عشر ويقول : إنه ينزل الى هذه الكنيسة بعدد من الدرجات . وفي اول القرن السابع عشر الاب كواريسميو الفرانسيسكاني يصف بيت حنانيّا على هذا النحو:
(( يقع هذا البيت في القسم الشرقي من المدينة, وهو عبارة عن بيت تحت الارض ينزل إليه من الجانب الشرقي عبرباب ضيق و درج . وهو مثلث الشكل و ضيق جداً – طوله من الجانبين عشرين قدماً وعرضه عشرة – ويدخله النور من الاعلى عبر نافذتين مدورتين)).
وفي سنة 1630 يثبت الاب ديل كاستيليو الفرنسيسكاني أن بيت القديس حنانيّا
مكرم من المسيحين , والاتراك (المسلمين) الذين يحرسونه اليوم يشعلون فيه قناديل عديدة .
في سنة 1820 استملك الآباء الفرنسيسكان التابعون لحراسة الارض المقدسة هذا المكان المقدس وبنوه وكرسوه للعبادة .
اما هذا البناء كله فقد هُدم في ثورة 1860 . وفي سنة 1867 أعيد بناء هذا المعبد . وفي سنة 1973 رُمم على شكله الحالي. وبيت القديس حنانيّا هو عبارة عن مغارة مكونة من غرفتين . ينزل إليه من درج مكون ذي إحدى و عشرين درجة . وهذا الوضع سببه ارتفاع الارض نتيجة الهدم و الردم طيلة عشرين قرناً في هذه البقعة الصغيرة من المدينة . وهذا الوضع يمكن مشاهدته أيضاً في الباب الروماني “الباب الشرقي”.
وبيت القديس حنانيّا الحالي الذي يعرضه الآباء الفرنسيسكان اليوم على الزائرين للعبادة والتبرك, هو دون شك جزء من الكنيسة البيزنطية كنيسة الصليب المقدس التي تعود للجيل الخامس و السادس التي أكتشفها دي لوريه أثناء حفرياته . و تحديد هذا المكان المقدس مطابق من جميع النواحي لما تناقله المسيحيون منذ أوائل المسيحية على أنه بيت القديس حنانيّا أول أسقف لمدينة دمشق.
خوفاً من الاضطهاد
تتألف الكنيسة التي هي في الأصل كهف طبيعي من قاعتين: الأولى متطاولة شمالاً وجنوباً، وفيها الهيكل الذي تتصدره ثلاث أيقونات تروي أولاها حادثة أخذ بصر شاؤول. أما الثانية فتصور حنانيا واضعاً يده على شاؤول ليعيد له البصر، في حين تقصّ الثالثة واقعة نزول بولس في سلة على سور دمشق هرباً من الموت بعد الوشاية به. أما القاعة الثانية فصغيرة تقع في الزاوية الشمالية الغربية من القاعة الكبرى، وعُلِّق على جانبيها مجموعة من اللوحات تحكي قصة بولس ورحلاته الأربعة بين عامي 46 و62م، التي أخذته إلى القدس وأنطاكية، بالإضافة إلى قبرص وبلاد اليونان وكريت، ليصل بعدها إلى روما حيث ينهي مسيرته التبشيرية على يد سياف نيرون.
أما عن سبب كون كنيسة حنانيا تحت الأرض بما يقارب الخمسة أمتار، فإن الجواب ضمن الكتيِّب بأن المؤمنين كانوا في بداية التبشير بالديانة المسيحية يتعرضون للاضطهاد لذا كانوا يجتمعون للصلاة في سراديب ويتخذونها كمكان للعبادة، في حين أن الكنيسة الآن تشهد قداساً إلهياً كل يوم سبت عند الساعة السادسة، وصلاة سجود للقربان الأقدس كل اثنين بنفس التوقيت، وتستقبل زوارها يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً.ويتضمن بناء الكنيسة الذي يقع في بداية شارع “العازرية” إلى جانب الكنيسة، مكتبة تتضمن مجموعة من الكتب والبروشورات، وفيها قسم لشراء بعض التذكارات كالشموع والأيقونات والبخور والمسابح، إلى جانب بعض الغرف في الجهتين الغربية والشرقية، فضلاً عن فسحة سماوية تشبه نظيراتها في البيوت الدمشقية القديمة، تحتوي على تمثال يجسد حنانيا وهو يعمّد بولس الرسول وآخر للسيدة العذراء، يتوسطهما الباب المفضي إلى درج الكنيسة، يعلوه شعار كنيسة الفرانسيسكان مع يدين متقاطعتين تمثلان تعانقَ يدِ السيد المسيح ويد القديس فرنسيس الأسيزي الذي نال نعمة جروحات المسيح.
المراجع
- “”حنانيا” الدمشقية أقدم كنائس العالم بعراقة رومانية”. arabic.sputniknews.com. مؤرشف من الأصل في 2016-12-05. اطلع عليه بتاريخ 2020-12-30.
























