
المسيحية و “الديانة الإبراهيميّة”
المسيحية ليست “ديانة إبراهيمية” لأن المسيحية فوق التصنيف كَ “ديانة”، بل هي مشروع الله الخلاصي في العالم، والكنيسة هي ملكوت الله الذي ابتدأ على الأرض وسيبلغ كماله في السماء. وليست المسيحية مجموعة شرائع وفرائض وقوانين، إنما هي الحياة والشركة مع الإله الحقيقي، الذي أحبّنا إلى المنتهى فصار إنساناً من أجلنا، وبذلَ نفسه عنّا، أي الرب يسوع المسيح، وهو وحده “الطريق والحق والحياة” ولا خلاص إلّا به.
بعد مجيء المسيح، كلمة الله المتجسِّد، كمال الوحي والأنبياء، ليست عودة إلى الوراء، وليس رجوعٌ إلى إبراهيم، لأن المسيح قال لليهود: “أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ» (يو8: 56) معنى ذلك أنَّ غاية فرح إبراهيم كانت أن يرى المسيح الإله، آتياً من نسله بحسب الجسد، لأنَّ المسيح هو سيّد وربّ وإله إبراهيم نفسه: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ» (يو 8: 58) وكل أنبياء العهد القديم، تتمحور رسالتهم ونبؤاتهم حول شخص المسيح.
لهذا نحن جميعنا، كنيسة العهد الجديد، مع أبينا إبراهيم نفسه، وسائر أنبياء العهد القديم، تتّجه بوصلتنا نحو الإله الحقيقي الذي ظهر متجسّداً من العذراء في ملء الزمن، ربنا ومخلّصنا يسوع المسيح، محور العهدين القديم والجديد، وحلقة الوصل ونقطة اللقاء بينهما.
أيقونة “شجرة العائلة” للسيد المسيح
الأيقونة المرفقة تُمثِّل “شجرة العائلة” للسيد المسيح، وفيها نشاهد أجداد المسيح الذين جاء من نسلهم بحسب الجسد، كما وردت أسماؤهم في الفصل الأول من إنجيل متّى، وبينهم إبراهيم وداود وسليمان… وجميعهم يتطلّعون إلى المسيح المولود من البتول مريم في بيت لحم، الذي يتوسّط الشجرة، ويحتلّ مركز الأيقونة. فالمسيح يسمو ويعلو على كل الأنبياء، لأنه هو خالقهم وسيّدهم، ولم يأتِ ليؤسس “ديانة إبراهيميّة” بل ليقيم ملكوت الله على الأرض.
الأب رومانوس الكريتي
No Result
View All Result